بني إسرائيل قومي)) إلى آخره، هذا يدل على كمال نصح نبي الله وكليمه موسى – صلى الله عليه وسلم – لهذه الأمة، ويدل على أن نبي إسرائيل قد فرض عليهم صلوات هي أقل مما فرض على هذه الأمة، كما يدل على أن الخلق يضعفون، كلما تأخروا في الزمن ضعفوا في جميع خلقهم وقواهم.

((فقال الجبار: يا محمد، قال: لبيك وسعديك، قال: إنه لا يبدل القول لدي، كما فرضت عليك في أم الكتاب، قال: فكل حسنة بعشرة أمثالها، فهي خمسون في أم الكتاب، وهي خمس عليك)) هذا المقطع من الحديث صريح في أن الله – تعالى – كلم نبينا – صلى الله عليه وسلم – بلا واسطة، وأنه سمع كلامه، وخطابه بقوله: ((يا محمد)) وأجابه النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: لبيك وسعديك.

وهذا ما قصده البخاري – رحمه الله – إثباته وإيضاحه، ولا يخفى وضوحه.

وأم الكتاب هو: اللوح المحفوظ الذي كتب فيه كل ما هو كائن.

وجعل الله إعطاء هذه الأمة بالحسنة عشر حسنات تخفيفاً.

ثم أمسكه موسى وأمره بالرجوع، وطلب التخفيف شفقة منه على هذه الأمة أن تعجز عن أمر الله فتهلك، فجزاه الله أعظم ما يجزي به أولياءه، ما أعظم نصحه وشفقته – صلى الله عليه وسلم -.

((قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: يا موسى، قد – والله – استحييت من ربي مما اختلفت إليه)) أي: من كثرة التردد إليه، وفيه دليل على أن هناك مكاناً معيناً كان يتردد إليه هو أقرب إلى الله – تعالى – من المكان الذي فيه موسى – صلى الله عليه وسلم -.

لما قال لموسى ذلك قال له: فاهبط باسم الله متبركاً به ومستعيناً.

قوله: ((واستيقظ وهو في المسجد الحرام)) تقدم الكلام على هذه الفقرة.

((قال القرطبي: يحتمل أن يكون استيقاظاً من نومه نامها بعد الإسراء؛ لأن إسراءه لم يكن طول ليلته، وإنما كان في بعضها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015