التائب من الذنب كمن لا ذنب له

عبدي أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ به؟ غفرت لعبدي - ثلاثا - فليعمل ما شاء)) .

قوله: ((إن عبداً أصاب ذنباً)) هذا جنس يعم كل من كان بهذه الصفة، أي: من أذنب، ثم رجع إلى ربه هارباً من عذابه، طالباً المغفرة تائباً.

قوله: ((أعلم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به)) أي: أنه حقق هذا العلم باعترافه بالذنب، وإنابته إلى ربه، راغباً في مغفرته، خائفاً من عقوبته، فلذلك غفر له، ثم قال في الثالثة: ((فليعمل ما شاء)) يعني: ما دام يذنب ثم يستغفر ويتوب، فإن ربه - تعالى - يغفر ذنبه.

ولا يدل ذلك على أنه مصر على الذنب، فإن الإصرار على الذنب أعظم منه، ولكنه يتوب ويستغفر، ثم يغلبه الطبع، وهوى النفس، وتزيين الشياطين، فيواقع الذنب، ثم يفر بعد ذلك إلى ربه تائباً نادماً، راجياً خائفاً، فشروط التوبة متحققة فيه، وهي الإقلاع عن الذنب، والندم على الوقوع فيه، والعزم على أن لا يعاوده.

قال القرطبي في المفهم: ((يدل هذا الحديث على عظيم فائدة الاستغفار، وعلى عظيم فضل الله، وسعة رحمته، وحلمه، وكرمه.

لكن هذا الاستغفار، هو الذي ثبت معناه في القلب مقارناً للسان، لينحل به عقد الإصرار، ويحصل معه الندم، فهو ترجمة للتوبة، ويشهد له حديث: ((خياركم كل مفتن تواب)) ، ومعناه: الذي يتكرر منه الذنب والتوبة، فكلما وقع في الذنب، عاد إلى التوبة.

لا من قال: أستغفر الله بلسانه، وقلبه مصر على تلك المعصية، فهذا الذي استغفاره يحتاج إلى استغفار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015