((من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة)) يعني: وإن حصل منه تقصير بالواجبات، وفعل لبعض المحرمات غير الشرك، فإن من مات على ذلك دخل الجنة، ولا ينافي هذا حصول العذاب له، بل قد يعذب في قبره، وبعد ما يبعث، وقد يدخل النار، ثم يخرج منها بعدما يطهر من الخطايا التي تلطخ بها في الدنيا، وقد يعفو الله عنه فيدخله الجنة بلا عذاب، والنصوص الدالة على ذلك كثيرة جداً.

فكل عاص لله - تعالى - من الموحدين لا بد من دخوله الجنة، وإن أصابه ما أصابه، وإنما الشأن في اجتناب الشرك، فهو أمر صعب إلا على من هدى الله قلبه، وهو أنواع، منها الجلي والخفي.

فقوله: ((لا يشرك بالله شيئاً)) يعم أنواع الشرك كلها؛ لأنه نكرة بعد النفي، فيدخل فيه الأصغر، والقليل، والله المستعان.

((قلت: وإن سرق، وإن زنى)) كأنه فهم من هذا الإطلاق أن ما عدا الشرك من الذنوب يحصل دخوله مع وجوده، فأراد أن يتثبت عن هذا المفهوم، فأخبره أن ذلك صحيح، وأن من اجتنب الشرك دخل الجنة، وإن تفاوت دخول العصاة غير المشركين الجنة في الوقت والمكان، أعني تقدم الدخول والمنزلة.

والشاهد منه: قوله: ((فبشرني أنه من مات)) إلى آخره؛ لأن هذه البشارة لا بد أن تكون من الله، أرسل جبريل بها إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، والرسالة لا تكون إلا بالكلام، والنداء داخل فيه، فالله - تعالى - قد نادى جبريل أن يذهب بهذا الأمر إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم.

*****

طور بواسطة نورين ميديا © 2015