الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عبد الله: ((إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء فيخرون سجداً، حتى إذا فزع عن قلوبهم، قال: سكن عن قلوبهم، نادى أهل السماء، ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق، قال: كذا وكذا)) (?) .

وقال أبو يعلى بعد أن ذكر هذا الحديث وغيره: ((اعلم أن هذه الأخبار تدل على أن كلام الله – تعالى – بحرف وصوت، لا كحروف الآدميين وأصواتهم، كما أن له علماً وقدرة لا تشبه صفات الآدميين، وقد نص أحمد في رواية الجماعة على إثبات الصوت)) (?) ، وكلام أهل العلم من السلف وأتباعهم في هذا كثير.

قوله: ((أنا الملك أنا الديان)) يعني: أن النداء الذي يسمعه أهل الموقف كلهم يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، هو بهاتين الكلمتين: ((أنا الملك أنا الديان)) ، فهو تعالى الملك الذي بيده ملك السماوات والأرض، ومن فيهن، وهو الديان الذي يجازي عباده بعملهم، من عمل خيراً جازاه بأفضل مما عمل، ومن عمل شراً جازاه بما يستحق.

وفي هذا الحديث دليل على أن بعض أهل الموقف أقرب إلى الله من بعض.

ودل على هذا المفهوم آيات من كتاب الله، وأحاديث ثابتة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذيِنَ عِندَ رَبّكَ لاَ يَستَكبِرُونَ عَن عِبَادَتِهِ} ، وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْملُونَ العَرشَ وَمَن حَولَهُ} ، ونحو ذلك، وعند الذين ضلوا في هذا الباب، الخلق بالنسبة إلى الله سواء بالقرب والبعد، وكفى بذلك ضلالاً أنه مخالف لكتاب الله وسنة رسوله، وللفطر والعقول.

*****

طور بواسطة نورين ميديا © 2015