أنه قدم مع وفد قومه، وأنهم تركوه في رحالهم يحفظها لهم، وذكروه له إلى آخر ما ذكره، وهذا - مع شذوذه - ضعيف السند؛ لانقطاعه.

وأمر مسيلمة كان عند قومه أكبر من ذلك، فقد كان يقال له: رحمان اليمامة؛ لعظم قدره عندهم.

وكيف يلتئم هذا الخبر الضعيف مع قوله - في هذا الحديث الصحيح - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اجتمع به، وخاطبه، وصرح له بحضرة قومه أنه لو سأله قطعة الجريد التي كانت بيده ما أعطاه إياها؟

ويحتمل أن مسيلمة قدم مرتين، الأولى كان تابعاً، والرئيس غيره، ولهذا أقام في رحالهم يحفظها، ومرة متبوعاً، وفيها خاطبه النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو القصة واحدة، وكان تخلفه في رحلهم أنفةً منه واستكباراً)) (?) ، والظاهر أنها مرة واحدة، والمعتمد ما ثبت في ((الصحيحين)) ، كما ذكر في هذا الحديث.

ولما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قصده الرئاسة والعلو، وأنه ليس أهلاً لما يطمع فيه، وأن ذلك يخالف ما جاء به - صلى الله عليه وسلم -، فلم يأت لتأسيس حكم يورث من بعده، وإنما جاء بالنبوة، كما أخبر أن خلافة النبوة بعده تكون ثلاثون سنة ثم يكون ملكاً)) (?) .

ولهذا قال له: لو سألتني هذه القطعة من الجريد التي لا تساوي شيئاً لم أعطكها؛ لأنها خير منك، ولأنك ليس لك من الأمر شيء ولا تستحق، وما أنت بأهل لذلك.

قوله: (ولن تعدو أمر الله فيك)) يعني: حكمه وقضاءه، من شقاوتك التي حكم بها عليك قبل وجودك، وأمر الله هنا هو أمره الكوني القدري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015