أن كلامه قبل الخلق)) (?) ، وهذا قريب مما ذكره هنا، وهو يعين على فهم مراده.

قال: ((حدثنا إسماعيل، حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لما قضى الله الخلق كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي)) .

تقدم هذا الحديث في باب قول الله - تعالى -: ((ويحذركم الله نفسه)) لكن بلفظ يختلف عما هنا، فلفظه هناك: ((لما خلق الله الخلق كتب في كتابه - وهو يكتب على نفسه، وهو وضع عنده على العرش -: إن رحمتي تغلب غضبي)) والمعنى لا يختلف، والمقصود بالقضاء: التقدير، ويأتي القضاء بمعنى الأمر والحكم، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} (?) ، ويأتي بمعنى: قدر وأمضى، كما في قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ} (?) ، ويأتي بمعنى: فرغ من الشيء وأتقنه، نحو قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} (?) ، والمعنى هنا: لما فرغ من تقدير الخلق، كما في الرواية الآتية في باب قول الله تعالى -: {بَل هُوَ قُرءَانُ مَّجِيدُ} ؛ أن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق)) .

ومراد البخاري من هذا الحديث: أن الكتاب الذي كتبه قبل خلق الخلق فيه سبق رحمته لعباده المرسلين، أي: أن كلمته التي سبقت بنصره عباده المرسلين قبل وجودهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015