وعلمه بكل شيء، ومراقبته، وشهوده أفعال عباده، فتفيد الخوف منه -تعالى-.

والنوع الثاني: المعية الخاصة، وهي المذكورة في هذا الحديث، ونحوه، كقوله -تعالى-: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} (?) ، وقوله: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} (?) ، ومن مقتضى هذه المعية: النصر والتأييد والهداية والحماية.

و"معيته -تعالى- لخلقه، لا تخالف علوه، واستواءه على عرشه، فكل ذلك حق على ظاهره، وذلك أن الله معنا حقيقة، وهو فوق عرشه حقيقة، كما جمع بينهما في قوله -تعالى-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا

كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (?) . فأخبر -تعالى- أنه فوق العرش يعلم كل شيء، وهو معنا أينما كنا، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث الأوعال: "والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه" (?) .

وذلك أن كلمة "مع" في اللغة إذا أطلقت، فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة، من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال.

فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى، فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا، ويقال: هذا المتاع معي؛ لمجامعته لك، وإن كان فوق رأسك.

فالله مع خلقه حقيقة، وهو فوق عرشه حقيقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015