الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد)) (?) .

فإن قيل: هذه الأحرف أنزلها الله، وعلمها الرسول – صلى الله عليه وسلم – الصحابة، فثبتت لديهم من كلام الله، وتركها وعدم الاعتناء بها وحفظها ونقلها يكون تفريطاً من الأمة بما كلفت بحفظه.

قيل: الأمر كذلك أن الله أنزلها قرآناً، والرسول – صلى الله عليه وسلم – علمها الصحابة، وحفظهم إياها، ولكن الأمة لم تفرط بحفظها، ولم تضيع ما كلفت به، وإنما جعل الأمر إليها، فخيرت في قراءة القرآن بأي حرف من الأحرف السبعة شاءت، مثل تخييرها في كفارة اليمين بين ثلاثة الأشياء، المذكورة في الآية، إما عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فلو أجمعوا على التكفير بواحدة من الثلاث دون حصر التكفير بأي واحدة من الثلاث شاء المكفر لكان ذلك صواباً، مؤدياً للواجب من حق الله – تعالى -. فكذلك مسألة الأحرف السبعة، فإن الله خيرهم فيها توسعة لهم وتسهيلاً عليهم، فإذا رأت الأمة الاقتصار على حرف واحد، من الأحرف السبعة؛ لأمر أوجب ذلك، من خوف الاختلاف، والكفر الذي قد يكون من بعضهم لبعض بسبب القراءة بالأحرف السبعة، كان الصواب – بل الواجب – هو الاقتصار على حرف واحد منها، مع أمن الاختلاف، والتفرق. وهذا ما أدركه الخليفة الثالث، ووافقه عليه أصحاب الرسول – صلى الله عليه وسلم – فكان فيه الخير، والرشد، والهدى، وقد أوضح ذلك الإمام ابن جرير في مقدمة التفسير (?) .

ومقصد البخاري: قوله: {فَاقرَءُواْ مَا تَيَسَرَ مِنهُ} فأسند القراءة إليهم، مما يدل على أنها فعلهم، ولما فيها من وصف التيسير، فإنهم يختلفون في ذلك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015