قوله: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} (?) اقتصر البخاري-رحمه الله تعالى- على محل الشاهد من الآية والآية بتمامها:

{وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (?) .

يخبر –تعالى- العباد بأنه ابتدأ خلقهم بخلق أبيهم آدم من تراب، ثم جعل خلق ذريته من نطفة –من ماء مهين- وجعلهم أزواجاً، أي ذكراً وأنثى، رحمة منه تعالى ولطفاً، ثم أخبر –تعالى- أنه عالم بأطوار خلقهم، لا يخفى عليه شيء من مبتدئه، ووضعه، ونوعه، وعمره، وعمله، وزيادة عمره، ونقصانه، وأن ذلك عنده في كتاب، وهو سهل عليه يسير {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (?) ، ففي هذه الآية بيان شمول علمه –تعالى- لكل شيء، فلا تكون حياة، ولا موت، ولا حركة، ولا سكون إلا بعلمه وتصريفه ومشيئته.

قوله: {*إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} أي هو تعالى المختص بعلم الساعة أي وقت مجيئها.

قال ابن جرير –رحمه الله تعالى-: "إلى الله يرد العالمون به علم الساعة، فإنه لا يعلم قيامها غيره" (?) .

ففي هذه الآيات ونحوها دلالة ظاهرة على ثبوت صفة العلم لله، بحيث لا ينكر ذلك إلا معاند مكابر يجادل بالباطل، ليدحض به الحق، أو جاهل قد تناهى جهله، ومن أوجه البيان في ذلك أنه تعالى أضاف العلم إلى نفسه الكريمة، إضافة حقيقية، والمضاف إلى الله –تعالى- إما أن يكون أعياناً قائمة بنفسها، كبيت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015