إنكار الأشاعرة لعلو الله على خلقه

مسألة علو الله جلَّ وعلا لا يقر بها الأشاعرة ولا يقولون بها، بل من قال بها رموه بالتشبيه، والسبب في هذا شبهات تنطلي على كثير منهم، أوجدها المتكلمون الذين اعتاضوا عن كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بمحاكاة الأفكار التي نحتوها من زبالة الأذهان، وهي زبالات في الواقع؛ لأن الإنسان قاصر، وعقله محدود، ولا يستطيع أن يحكم على الله جلَّ وعلا، والله غيب ما أحد شاهده ونظر إليه حتى يستطيع أن يصفه، وهو لا مثل له ولا ند له ولا سمي له تعالى وتقدس، فلا يجوز أن يقاس على غيره من المخلوقات، فعلى هذا لا بد أن تُتَلقى صفاته من الوحي الذي قاله جلَّ وعلا، وأرسل به رسله، حتى لا يكون الإنسان ضالاً، مع أن الله جلَّ وعلا فطر خلقه كلهم على أنه في العلو، ولا يمكن لعاقل بل ولا غير عاقل أن يسأل ربه ويبتهل إليه إلَّا ويجد في نفسه دافعاً يدفعه إلى أنه يطلب ربه من فوق في السماء، وكل أحد يمد يديه إلى السماء ويقول: يا رب يا رب، وليس هناك أحد من الخلق ينكس يديه إلى الأرض ويسأل ربه من تحت، أو يلتفت يميناً أو شمالاً أو خلفه يبحث عن ربه تعالى الله وتقدس، فالله فطر الناس على هذا، وهذا هو الحق، فالله عالٍ على عرشه، وليس فوقه شيء، ولا يمكن أن يكون فوقه شيء تعالى الله وتقدس، أما الترهات والشبهات والأمور التي يقولونها فلا يجوز الالتفات إليها مع قول الله جلَّ وعلا وقول رسوله صلى الله عليه وسلم والفطرة التي فطر الله جلَّ وعلا عليها خلقه، كقولهم مثلاً: (كان الله ولا مكان، وهو الآن على ما كان عليه قبل خلق المكان)، فالله سبق الأمكنة كلها، (كان ولا مكان وهو الآن على ما كان عليه قبل خلق المكان) وهم لا يدرون أين هو الآن! بل يقولون: هو في كل مكان، تعالى الله وتقدس، يعني: حتى في الأماكن التي يُرغب عن ذكرها، تعالى الله وتقدس! ولهذا لما كان أحدهم يجادل أحد العلماء وقال: إنه ليس على العرش، إنه في كل مكان، فقال: أتُراه في جوفك؟ فبُهت.

فتعالى الله وتقدس عن أن يكون في جوف الإنسان! فالواجب أن يؤمن العبد بما قاله الله وقاله رسوله، والصفات تبع لهاتين الصفتين: - العلو.

- والكلام.

وهذا في الواقع الأدلة عليه أكثر من أن تحصى، سواء إثبات الكلام أو إثبات العلو، وقد حاول بعض العلماء أن يحصروا الأدلة فذكروا أكثر من ألف دليل على علو الله؛ ولكن الأدلة أكثر من ذلك، فهم ذكروا بعض الأدلة التي يدخل تحت النوع منها أفراد كثيرة كثيرة.

وليس المسلمون بحاجة إلى الشبه؛ لأنهم يؤمنون بكتاب الله تعالى وبقول رسوله صلى الله عليه وسلم، وبما فطرهم الله جلَّ وعلا عليه، فليسوا بحاجة إلى ذكر مثل هذه الشبه، وإنما يخشى على الإنسان أن يقع نظره على كتاب من كتب هؤلاء فيحصل عنده شيء من الشبه.

[المسألة الحادية والعشرون: أن تلك الرجفة والغشي خوفاً من الله عزَّ وجلَّ الثانية والعشرون: أنهم يخرون لله سجداً].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015