"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نعى النبي -صلى الله عليه وسلم- النجاشي في اليوم الذي مات فيه" نعى النعي هنا يراد به الإعلام، ومجرد الإخبار بموت الميت، ومجرد الإعلام والإخبار بموت الميت، فيخبر الناس أن فلاناً قد مات؛ ليتحقق مصالح مثل اجتماع الناس للصلاة عليه، والإسراع بتجهيزه، وقضاء ديونه، المقصود أن هناك مصالح مترتبة على الإخبار، والنعي هنا هو مجرد الإخبار، ولذا جاء أحاديث فيها النهي عن النعي، جاء النهي عن النعي، وهو على ما كانت عليه الجاهلية من اقتران الأخبار برفع الأصوات وتعداد محاسن الميت، وإظهار الجزع عليه، فيبعثون في السكك والمجامع ألا إن فلاناً بن فلان قد مات الفاعل التارك .. إلى آخره، هذا النعي منهي عنه، جاء النهي عنه، أما مجرد الإخبار بموته لتترتب عليه المصالح دون المفاسد فهذا مشروع، وقد فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث، يقول: "نعى النبي -صلى الله عليه وسلم- النجاشي" النجاشي لقب على كل من ملك الحبشة يقال له: النجاشي، كما أن من ملك مصر يقال له: فرعون، كل من ملك الروم يقال له: قيصر، ومن ملك الفرس يقال له: كسرى، المقصود أن هذه ألقاب على ملوك جهات، اليمن يقال له: تبع، والنجاشي الذي نعاه النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الذي آوى المسلمين لما هاجروا إلى الحبشة في المرة الأولى والثانية، وهو رجل صالح أسلم لما قرئت عليه سورة مريم، ورأى الحق المطابق لما عندهم مما لم يدخله التحريف، أسلم وصار ردءاً نافعاً للمسلمين، لذا نعاه النبي -عليه الصلاة والسلام- في اليوم الذي مات فيه، وهذا علم من أعلام النبوة حيث أخبر عن موته في اليوم الذي مات فيه، والخبر لا يصل من الحبشة إلى المدينة إلا في مدة طويلة، كونه يخبر عن موته في اليوم الذي مات فيه دل على علم، ودليل واضح على نبوته -عليه الصلاة والسلام-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015