وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: أعتم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعشاء، فخرج عمر -رضي الله عنه- فقال: الصلاة يا رسول الله، رقد النساء والصبيان، فخرج ورأسه يقطر يقول: ((لولا أن اشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بهذه الصلاة هذه الساعة)).

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: أعتم النبي -صلى الله عليه وسلم-" أعتم صيغة دخول في الشيء وإغراق، يعني دخل في العتمة، وهي اشتداد الظلام، كما يقال: أنجد وأتهم، يعني دخل في نجد ودخل في تهامة، وأمسى وأصبح، هذا مدلول هذه الصيغة، يعني تأخر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالعشاء، وعرفنا متى يبدأ وقت صلاة العشاء ومتى ينتهي؟ من مغيب الشفق الأحمر إلى منتصف الليل، كما في حديث عبد الله بن عمرو، ومقتضى إمامة جبريل أنه ينتهي بثلث الليل، والحديث الذي يستدل به الجمهور على وقت صلاة العشاء يمتد إلى طلوع الصبح، ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى، وهذا وإن كان فيه دلالة إلا أنه من العام المخصوص، فهو مخصوص بالصبح اتفاقاً، صلاة الصبح لا يمتد وقتها حتى دخول الأخرى التي هي الظهر، ولتكن العشاء كذلك، فحديث عبد الله بن عمرو نص في هذا الباب، فلا يجوز تقديمها على مغيب الشفق، ولا يجوز تأخيرها عن نصف الليل.

"أعتم النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة العشاء، فخرج عمر فقال: الصلاة يا رسول الله" يعني من غير عمر يستطيع أن ينبه الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فالحديث فيه دليل على تنبيه الأكابر، وأن هذا لا يخل بمنزلتهم وفي تقديرهم واحترامهم، التنبيه بأسلوب مناسب، ما يقول: تأخرت، ولماذا تأخرت؟ أو عطلت الناس، ما يمكن يقال مثل هذا بالنسبة للأكابر، ماذا قال عمر؟ "يا رسول الله رقد النساء والصبيان، وهل المراد بالنساء والصبيان الذين هم في المسجد ممن ينتظر الصلاة أو البيوت بحيث شق عليهم وطال عليهم انتظار الأزواج والآباء؟ يعني الأقرب أنهم الذين في المسجد ينتظرون الصلاة، لكن أيضاً احتمال آخر أنهن النساء اللواتي في البيوت ينتظرن الرجال طال عليهن الانتظار ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015