بحق إلا الله لأنه لا مستحق للاتصاف بالكمالات سواه وإنما أتى بصيغة النفي والإثبات نفياً للإبهام ورفعاً للأوهام وقد أشار تعالى لذلك بقوله الكريم: {وإلهكم إله واحد} فأثبت الوحدانية ثم رفع الوهم بقوله {لا إله إلا هو} ثم أشار لكمال الصفة بقوله {الرحمن الرحيم} ثم أشار للدليل بقوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ الَليْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164].

والوحدانية التفرد فيما هو به قال الشيخ أبو بكر بن فورك رحمه الله: والوحدانية في وصفه تعالى له ثلاث معان: لفظ الواحد حقيقة في جميعها.

أحدها: أن لا قسيم لذاته، وأنه غير متبعض ولا متحيز.

الثاني: لا شبيه له تقول العرب فلان واحد عصره أي لا شبيه له فيه.

الثالث: أنه لا شريك له في أفعاله ومنه قالوا فلان متوحد بهذا الأمر أي لا شريك له فيه ولا معاند انتهى.

قلت: والمقصود أنه تعالى واحد في ذاته واحد في صفاته واحد في أفعاله ووصفه، بأن لا إله غيره جامع لكلها.

وقوله (لا شبيه له ولا نظير له إلى آخره) تفصيل لذلك ولك أن تقول لا شبيه له في ذاته إذ ليس كمثله شيء ولا نظير له في صفاته ولا شريك له في أفعاله ولا ولد له فيكون موروثاً ولا والد فيكون كغيره ولا صاحبة له فيكون محتاجاً له أو مغلوباً لأن الصاحبة إنما تراد للشهوة وهي غالبة أو لدفع الضرورة وهو افتقار أو للاستلذاذ وهو من سمات الحدوث ويتعالى ربنا عن ذلك كله والدليل على وحدانية ذاته أنه لو كان جسماً لكان مركباً ولو كان جوهراً لكان متحيزاً ولو كان عرضاً لكان مفتقراً والتركيب والتحيز والافتقار حوادث وما لا يعرى عن الحوادث لا يسبقها وما لا يسبقها كان حادثاً مثلها وموجداً لكل لا يصح أن يكون حادثاً للزوم التسلسل والدور فيلزم من قدمه نفي كل صفة حادثة عنه.

وأما وحدانية الصفات فقال الأشعري رحمه الله: لو أشبه الباري تعالى خلقه ولم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015