مهدي الغبريني الركوب في مراكبهم على ذلك.

وأما بلاد السودان فقيل المراد بها بلد الكفر منها لأنها كبلاد الحرب قلت والذي يظهر أن ذلك لما فيها من الخاطرة بالنفس والمال من أجل العطش والخوف ونحو ذلك فإنه شديد حسبما أخبرنا والله به أعلم.

(وقال النبي صلى الله عليه وسلم السفر قطعة من العذاب).

هذا الحديث ثابت من رواية أبي هريرة رضي الله عنه وقد فسر صلى الله عليه وسلم وجه العذاب بقوله: " يدع أحدكم نومه وطعامه وشرابه فإذا قضى نهمته أي حاجته فليعجل إلى أهله ولا يطرق أهله ليلا لعله يجد في بيته ما يكره".

قال ابن عباس فتقحم النهي رجلان فوجدا في بيتهما رجلين وقد روى في الموطأ هذا الحديث دون قول ابن عباس رضي الله عنه وقد أخذ منه استبحاب تعجيل الأوبة بعد قضاء الحاجة وأنه ينبغي القدوم نهارا فإن قدم ليلا أمهل حتى يدخل ضحى وفي الصحيح أنهم قدموا فقال صلى الله عليه وسلم " أمهلوا حتى تتمشط الشعثة وتستحد المغيبة".

قال العلماء وينبغي أن يقدم بين يديه من يعلم بقدومه لأجل ذلك وإن كان سفره بعيدا فليأت أهله بهدية ويبدأ بالمسجد عند دخوله لأنه أقرب لتوصل الناس غليه ولأن الضيف إنما يأتي لبيت الضيافة والمسجد لابيت ضيافة ربنا سبحانه فيصلي فيه ركعتين خفيفتين ويحمد الله على قوومه سالما ويهمل قليلا حتى يبلغ خبره فليأتي إليه من يريده ولا يطيل جدا لئلا يلح بأهل البيت ثم إذا دخل عندهم فليس لأحد عليه حق قد سئل مالك عن مطالبته أمه بالمبيت عندها يوم قدومه وطلبته زوجته بذلك فقال يبيت عند زوجته لأن حقها في مقابلة أمر بخلاف أمه وهي ملحق بإرضائها والله أعلم.

ويحكى أن عائشة رضي الله عنها قالت لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " السفر قطعة من العذاب" لقلت إن العذاب قطعة من السفر وإنما سمي سفرا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال أي يظهرها ويبديها وفي هذا الحديث أنه ينبغي في السفر المساحة في العجز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015