في هذا البيت أقوال منها: ألقى عليه يعني على خراش، ألقى ثوبه عليه فخلصه، ومنها أنه ألقى عليه رداءه إجارة له، وكانوا يفعلون ذلك، ومنها ألقى عليه يعني على عروة أي كفنه، ومنها "من ألقى رداءه" يعني رداء عروة. يقول أبو خراش: لا أدري من سلبه فألقى سلبه على نفسه، والماجد المحض على هذا التفسير يكون عروة، ومنها "من ألقى عليه رداءه" يعني سيفه، يريد سيف عروة من سلبه، وهم يسمون السيف رداء. وأحسن هذه الوجوه الأول والثاني، والقول الثالث قريب. وقال أبو عبيدة: لا نعرف شاعراً مدح من لا يعرفه إلا أبا خراش، مدح من لا يعرف في هذا البيت. المعنى: يمدح من ألقى ثوبه على ابنه خراش ويثني عليه، والأصل في هذا أن بطنين من ثمالة بني رزام وبني بلال أخذوا عروة وخراشا، فأما بنو رزام فنهوا عن قتلهما، حتى كاد يكون بينهما شر، فألقى رجل من الناهين عن القتل ثوبه على خراش، واشتغل الآخرون بقتل عروة، فقال الرجل لخراش كيف دلالتك قال: قطاة، قال انجه، فنجا، فأقبل القوم نحو خراش وقد نجا، فتبعوه فأعجزهم.

ولم يك مثلوج الفؤاد مهيجاً ... أضاع الشباب في الربيلة والخفض

ولكنه قد نازعته مجاوع ... على أنه ذو مرةٍ صادق النهض

مثلوج الفؤاد: بليد كأن فيه ثلجاً، والمهيج المضطرب، ويروى "مهبلاً" وهو الكثير اللحم، والربيلة السمن. المعنى: يجوز أن تكون هذه الأبيات من قوله: "ولم يك مثلوج الفؤاد" من صفة الذي أنجي خراشا، ويجوز أن يكون من نعت عروة، وهذا أولى، لأن ظاهر قوله يدل على أنه نعت فائت، ولأنه وصفه بأوصاف من الخفة والذكاء ومقاساة الشدائد، ولا يوصف بمثل هذه من لا يعرف، وهو لم يعرف منقذ ابنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015