وعلى كل حال المسألة الجمهور يرون أنها كلها أداء، ولو وقع بعضها خارج الوقت لحديث: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) يعني أدرك صلاة الصبح، وإذا كان مدركاً لها فهي في وقتها، وحينئذٍ تكون أداءً.

يقول النووي في الروضة: "ولو شرع فيها وقد بقي من الوقت ما يسع جميعها فمدها بتطويل القراءة حتى خرج الوقت لم يأثم قطعاً، ولا يكره على الأصح"، وقال في شرح المهذب: "وأما إذا شرع في الصلاة وقد بقي من الوقت ما يسع جميعها فمدها بتطويل القراءة حتى خرج الوقت قبل فراغها فثلاثة أوجه: أصحها لا يحرم ولا يكره، لكنه خلاف الأولى، والثاني: يكره، والثالث: يحرم، حكاه القاضي حسين".

على كل حال الجواز جائز باتفاق، لكن هل هو الأولى أو خلاف الأولى؟ لا شك أن إيقاع الصلاة كاملة في الوقت هو الأولى.

هذا يطلب إعادة تعريف الرخصة والعزيمة التي تحدثنا عنها في الحديث السابق، يقول أهل العلم: إن الرخصة ما جاءت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، فمثلاً أكل الميتة على وفق الدليل أو على خلاف الدليل؟ الدليل يقول: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [(3) سورة المائدة] هذا الدليل، هذا الأصل، والأكل منها على خلاف هذا الأصل لمعارض راجح وهو دليل آخر يخص هذه الحالة، وتبقى الآية الأولى التي هي الأصل باقية في عموم الأحوال عدا هذه الحالة، وهي حالة الاضطرار، فالمعارض راجح لأنه خاص، العزيمة: ما جاءت على وفق الدليل لعدم المعارض، هذه هي العزيمة، لعدم المعارض.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله تعالى-:

"وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر, ثم نزل فجمع بينهما, فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب" متفق عليه، وفي رواية الحاكم في "الأربعين" بإسناد الصحيح: "صلى الظهر والعصر ثم ركب".

ولأبي نعيم في مستخرج مسلم: "كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015