أقول: تفضيل الدعاء في هذا اليوم يحتمل أن يكون منوطاً باليوم، فيشمل الحاج وغير الحاج، ويحتمل أن يراد به الحاج، فيكون المراد دعاءٌ في يوم عرفة، أو دعاءُ يوم في عرفة، إذا أردنا أن نقول: إنه خاص بالحاج، والحديث يحتمل الأمرين، لفظه يحتمل أن يكون أفضل الدعاء الدعاء الذي يقال في يوم عرفة، سواءً كان القائل في عرفة أو في الأمصار لكنه في هذا اليوم، فإذا كان الدعاء منوطاً ومعلقاً باليوم شمل الحاج وغير الحاج، وإذا كان الدعاء منوطاً بالمكان الذي هو عرفة اقتصر فيه على الحاج.

ولا شك أن الحاج له مزية، الحاج له مزية على غيره، والله -جل وعلا- ينزل عشية عرفة ويضاهي ويباهي بالحاج، ((أتوني شعثاً غبراً)) ثم يقول: ((أخبركم أني قد غفرت لكم)) لا شك أن الحاج له مزية، وهذا اليوم أيضاً له مزية، فصيامه يكفر سنتين، إذاً غير الحاج يناله من بركة هذا اليوم من فضله ما يكتب له، ((أفضل يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة)) هذا غير منظور فيه إلى الحج وإلى الحاج، إنما هذا يشمل الجميع، فينبغي أن يستغل هذا اليوم بالعبادة والذكر والدعاء، ولذا استحب جمع من أهل العلم التعريف بالأمصار، إيش معنى التعريف بالأمصار؟ نعم، هذه الكلمة استغلها من استغلها بأن يلبس أهل الأمصار الإحرام، ويلزموا المساجد تشبهاً بمن وقف بعرفة، لكن لا شك أن هذا بدعة، لبس الإحرام لغير النسك بدعة، أما إن كان المقصود بالتعريف بالأمصار وهو المأثور عن بعض السلف لزوم المساجد تشبهاً بالحجاج، واغتناماً لفضل هذا اليوم فلا بأس، هذا مأثور، مأثور عن السلف، كثير من السلف إذا صام لزم المسجد يحفظ صيامه، ولو في غير عرفة.

المقصود أن التعريف إن كان المقصود به لبس الإحرام، ولزوم المساجد هذا بدعة لغير الحاج، وإن كان المقصود به لزوم المساجد والتزام الذكر والعبادة في هذا اليوم العظيم فهذا مأثور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015