إلانة الله تعالى الصخر لإبراهيم عليه السلام

والذي يعنينا هنا أن هذه اللامية قالها أبو طالب يبين فيها أنه باقي على مولاته ونصرته لنبينا صلى الله عليه وسلم، ونلحظ أن أبا طالب كان يقسم حينها بما كانت العرب تقسم به من الأمور المعظمة كالبيت، وقال في لاميته: وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافياً غير ناعل فمقام إبراهيم كان موجوداً عند قريش يرونه، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام -وهو خليل الله المعروف- بنى البيت، فلما علا البنيان اتخذ صخراً فرقى عليه ليصل، وهنا ننيخ المطايا إيمانياً، فمن لان قلبه لله ألان الله له كل شيء، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام أسلم قلبه لله ولان فلما وضع قدميه على الصخر لان الصخر، فأصبح أثر قدمي إبراهيم بيناً ظاهراً في الصخر يراه كل أحد، فانظر إلى حسن التعامل مع الرب تبارك وتعالى، {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:90]، {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:24]، {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة:131 - 132].

فهذا خليل الله لان قلبه لربه وأسلم قلبه لربه جل وعلا.

فلما ارتقى على الصخر لان الصخر -على ما في الصخر من صلاته- لقدم خليل الله إبراهيم، فأصبح الناس جليلاً بعد جليل يرونه، فكانت قريش تعظم هذا، فجاء أبو طالب يقسم فيقول: وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافياً غير ناعل وقد كانوا ما يعظمونه يقسمون به، فلما جاء الإسلام وجاء نبينا بالدين الحق نهانا نبينا صلى الله عليه وسلم عن أن نحلف بأحد غير ربنا؛ لأن القسم بأي أحد تعظيم له، والتعظيم المقيد قد يطلق لأي أحد، وأما التعظيم المطلق والذي منه القسم فهذا لا يكون إلا لله الواحد القهار، فمن أراد أن يحلف فليحلف بالله وحده ولا يحلف بأحد غيره، وكلما عظمت ربك كان ذلك أرفع في درجاتك وأعلى في منزلتك.

والله أمر نبيه أن يقسم في القرآن في ثلاثة مواضع: في سورة التغابن، وفي سورة سبأ، وفي سورة يوسف، {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن:7]، وفي سورة يونس، {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن:7]، في التغابن.

ومقصودنا من هذا: أن ينبغي أن تكون قلوبنا طائعة لربها كما كان هدي نبينا صلى الله عليه وسلم.

هذا ما تيسر إيراده وتهيأ إعداده في التعليق على بعض أبيات لامية أبي طالب.

وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى، وألبسنا الله وإياكم لباسي العافية والتقوى.

وصل الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015