القاعدة التاسعة والثلاثون

(الْقَاعِدَة التَّاسِعَة وَالثَّلَاثُونَ (الْمَادَّة / 40))

(" الْحَقِيقَة تتْرك بِدلَالَة الْعَادة ")

(الشَّرْح)

الْحَقِيقَة تتْرك بِدلَالَة الْعَادة وَالْعرْف لِأَن الِاسْتِعْمَال والتعارف يَجْعَل إِطْلَاق اللَّفْظ على مَا تعورف اسْتِعْمَاله فِيهِ حَقِيقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى المستعملين، وَيجْعَل إِطْلَاقه على مَعْنَاهُ الوضعي الْأَصْلِيّ فِي نظرهم مجَازًا.

وَمن الْمَعْلُوم أَن الْأَمر إِذا دَار بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز تترجح الْحَقِيقَة، وَهِي هُنَا الْعرف وَالْعَادَة، وَيتْرك الْمجَاز، وَهُوَ الْمَعْنى الوضعي الْأَصْلِيّ. فقد قَالَ صَاحب جَامع الْفُصُولَيْنِ: " مُطلق الْكَلَام مَحْمُول على الْمُعْتَاد ". (ر: الْفَصْل الْأَرْبَعين، ص / 243) .

وَفَائِدَة وضع هَذِه الْمَادَّة بعد الْمَادَّتَيْنِ / 36 و 37 / دفع مَا عساه يتَوَهَّم من أَن تحكيم الْعَادة وَالْعَمَل بِاسْتِعْمَال النَّاس إِنَّمَا يكونَانِ حَيْثُ لم تعارضهما الْحَقِيقَة، وَذَلِكَ بِأَن لم يكن بإزائهما حَقِيقَة أصلا، كَمَسْأَلَة الْتِقَاط الثِّمَار الساقطة، الْمُتَقَدّمَة تَحت الْقَاعِدَة / 36 / أَو كَانَ بإزائهما حَقِيقَة وَلكنهَا كَانَت مُوَافقَة لَهما. وَأما إِذا كَانَت مصادمة لَهما فَلَا يكونَانِ معتبرين، فنبهوا بِهَذِهِ الْمَادَّة على أَن تحكيم الْعَادة وَالْعَمَل بِاسْتِعْمَال النَّاس لَا تقوى الْحَقِيقَة على معارضتهما، بل يعْمل بهما دونهَا على مَا تقدم. وَذَلِكَ كَمَسْأَلَة وضع الْقدَم، وَمَسْأَلَة مَا لَو حلف لَا يَأْكُل رَأْسا وَلَا يركب دَابَّة، المتقدمتين فِي الْمَادَّة / 36 / الْمَذْكُورَة.

فَظهر بِمَا ذكر أَن المُرَاد بِالْحَقِيقَةِ الْمَذْكُورَة فِي لفظ الْمَادَّة هِيَ الْحَقِيقَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015