بخيل، واجب التأخير؟ واجب التأخير، إذاً: الأول زيداً والثاني بخيلاً، ما ظننت زيداً إلا بخيلاً، ثم قال رحمه الله:

وَخُصَّ بِالتَّعْلِيقِ وَالإِلْغَاءِ مَا ... مِنْ قَبْلِ هَبْ وَالأَمْرَ هَبْ قَدْ أُلْزِمَا

كَذَا تَعَلَّمْ وَلِغَيْرِ الْمَاضِ مِنْ ... سِوَاهُمَا اجْعَلْ كُلَّ مَالَهُ زُكِنْ

هذه الأفعال -أفعال القلوب- قلنا: تعتريها ثلاثة أحكام: الأول: الإعمال وهذا هو الأصل فيها، ظننت زيداً قائماً واجب الإعمال خلافاً للكوفيين.

الثاني: التعليق، وهو إبطال أو ترك العمل لفظاً لا محلاً، بمعنى أن هذه الأفعال تسلط على المحل دون اللفظ، فيترك العمل لفظاً وهو النصب، ثم يسلط العامل على المحل، وهذا له نظائر كثيرة في لسان العرب؛ أن يكون العامل مسلطاً على المحل دون اللفظ، وهذا في إضافة المصدر كثير، المصدر قد يضاف إلى الفاعل وقد يضاف إلى المفعول، وكلاهما إذا أضيف إلى الفاعل حينئذٍ يكون في المحل فاعلاً والمفعول يكون مفعولاً، مثل ماذا؟

ظننت لزيدٌ قائمٌ، هذا يسمى تعليق، ونحن نُعرِّف التعليق.

إذاً: ظننتُ لزيدٌ قائمٌ، زيدٌ قائمٌ الأصل فيه النصب، ظننت زيداً قائماً، زيداً مفعول أول، وقائم مفعول ثاني، قد يُترك تسلط على العامل (ظنَّ) على اللفظ ثم يتوجه إلى المحل، وذلك إذا وجد أو أحال بينهما -بين العامل والمعمول- ما له صدارة الكلام، منها لام الابتداء، فإذا قلت: ظننت لزيدٌ قائمٌ، زيدٌ رُفع بعد أن كان منصوباً، وقائمٌ رُفع بعد أن كان منصوباً، رفع زيد على أنه مبتدأ، وقائمٌ على أنه خبر، إذاً: رجعت الجملة إلى أصلها، لكن باعتبار اللفظ لا باعتبار المحل؛ لأن اللام هذه لام الابتداء ولها حق الصدارة، وحينئذٍ توسطت بين العامل والمعمول، فعلق الفعل، بمعنى أنه لم يستطع أن يصل إلى اللفظ؛ لأن لام الابتداء لا يعمل ما قبلها فيما بعدها، فلما مُنِع الفعل من أن ينصب (زيد) لفظاً و (قائماً) لفظاً حينئذٍ لابد له من محل يظهر له أثره، فوُجِّه إلى المحل، فتقول: ظننتُ لزيدٌ، ظننتُ: فعل وفاعل، اللام لام الابتداء، زيدٌ قائمٌ مبتدأ وخبر في محل نصب مفعولي ظن، وهذا المراد بأنها في اللفظ جملة اسمية، وفي المحل مفعولا ظن، هذا التعليق، وأما الإلغاء فهو إبطال العمل لفظاً ومحلاً، مطلقاً يلغى العامل كأنه غير موجود، كأنه لم يدخل، زيدٌ قائمٌ، ظننتُ زيداً قائماً، إذا توسط أو تأخر جاز الإلغاء، زيداً ظننتُ قائماً بالنصب، زيدٌ ظننتُ قائمٌ بالرفع، جاز الوجهان، إذا نصبت على الإعمال هذا هو الأصل، وإذا رفعت وهو الشاهد، إبطال عمل (ظنَّ) في اللفظ والمحل، تقول: زيدٌ مبتدأ قائمٌ خبره، وظننتُ فعل وفاعل، والجملة لا محل لها من الإعراب معترضة بين المبتدأ والخبر، حينئذٍ أين عمل ظن؟ ليس لها عمل لا في اللفظ ولا في المحل، وهذا له ضابط سيأتي.

وَخُصّ بِالتَّعْلِيقِ والإلْغَاءِ: إذاً: هذان حكمان، التعليق وعرفنا أنه ترك العمل في اللفظ لا في المحل، أو إلغاء وإبطال عملها في اللفظ لا في المحل، وأما الإلغاء فهو ترك العمل لفظاً ومحلاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015