حينئذٍ إذا قيل: فائدة تركيبية: إن قام زيد قمت، فائدة تركيبية أو لا؟ فائدة تركيبية، إن قام زيد .. وسكت، فائدة جزئية، وفائدة ناقصة، وفائدة تركيبية؟ تركيبية نعم، إذاً: التركيبية هذه لا تكون في المفردات، وإنما تكون في المركبات، ثم المركبات قد تكون كلماً وكلاماً فتجتمع مع التامة، وقد تكون كلماً دون الكلام، يعني: غير مفيد، فيصدق عليه أنه مفيد فائدة تركيبية لا تامة، إذاً: كل فائدة تامة تركيبية ولا عكس، لماذا؟ لأن التركيبية هي الفائدة التي أخذت من الإسناد، وهذا قولنا: إن قام زيد، فيه إسناد ولا شك، وهو مفيد، وهذه الفائدة أخذت من التركيب؛ لأن قام فعل وأسند إلى الفاعل ثم علق فهو مفيد، إن: بذاتها حرف والحرف ما دل على معنىً في غيره، وهنا قد دل على معنىً في غيره وهو التعليق، إن: حرف شرط، وقام: لوحده أفاد فائدةً وهو دلالته على ثبوت القيام في الزمن الماضي، وزيد: كذلك دل وأفاد فائدةً جزئية ناقصة، وهي دلالته على الذات المشخصة، قام زيد: إسناد الفعل والحدث إلى زيد، هذا أيضاً دلالة أخرى لكون قام حدث، والحدث يستلزم محدثاً، فلا بد له من محدث.

كون هذا الحدث لم يقع، وقع أو لم يقع؟ إن قام زيدٌ، إن: هذه تصرف الفعل الماضي من دلالته في المعنى والزمن على الماضي إلى المستقبل، فهو ماضٍ لفظاً لا معنىً، فحينئذٍ هذه كلها فوائد استفدناها من هذا التركيب، لكن هل فائدة تامة؟ الجواب: لا، لما قال: لفظ مفيد، قلنا: أخرج المهمل وأخرج المفرد وأخرج بعض الكلم الذي هو غير مفيد، لماذا؟ لأنه وإن أفاد فائدةً جزئية ناقصة تركيبية إلا أنه لفقد الفائدة التامة نقصت دلالته ونزل عن حد الكلام، إذاً: التام نقول: هذا يستلزم .. أو الفائدة التامة تستلزم التركيب، والتركيب قد يكون أعم من التامة لصدقه على: إن قام زيد، ولانفراد التامة بقوله: إن قام زيد قمت، هنا اجتمعا وانفردا، التركيبية بماذا؟ إن قام زيد، دون قمت، إذاً: يجتمعان بينهما العموم والخصوص المطلق.

نحتاج إلى مادتين: مادة الاجتماع، ومادة الافتراق .. مادة الاجتماع: إن قام زيد قمت، اجتمع فيه الفائدة التامة والتركيبية، ومادة الافتراق: افتراق الأعم عن الأخص، والأخص لا يفترق عن الأعم، والأعم هنا الفائدة التركيبية، فنحتاج إلى مثال، وهو: إن قام زيد، ونقف على هذا، قمت حينئذٍ صارت الفائدة فائدة تامة.

فقوله: مفيد هنا، أراد به الإشارة إلى المعنى الذي ذكرناه سابقاً.

ترك قيدين لم يذكرهما ابن مالك رحمه الله تعالى، وهما التركيب والقصد، أما التركيب: فهذا لا شك في اشتراطه .. لا بد من اشتراطه؛ لأن الكلام لا يكون إلا بإسناد، والإسناد نسبة حكم إلى اسم إيجاباً أو سلباً فحينئذٍ يقتضي مسنداً، ومسنداً إليه، فالمسند إليه لا يكون إلا اسماً، والمسند قد يكون فعلاً وقد يكون اسماً، ولا يكون الحرف مسنداً ولا مسنداً إليه، هذا الإسناد يقتضي ماذا؟ مسنداً ومسنداً إليه، إذاً: لا بد من اشتراط التركيب، وأقل ما يتألف منه الكلام اسمان أو اسم وفعل كا ركبوا كما قال ذاك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015