وَوَضَعُوا لِبَعْضِ الأجْنَاسِ عَلَمْ ... كَعَلَمِ الأشْخَاصِ ...

يعني: علماً كعلم الأشخاص, هذا جار ومجرور متعلق بمحذوف بصفة لعلم وليس حالاً منه.

كَعَلَمِ الأشْخَاصِ: يعني مثل علم الأشخاص لفظاً من جهة اللفظ، وَهْوَ عَمْ، وَهْوَ: الضمير يعود إلى علم الجنس، عَمَّ أو أعمُّ يجوز الوجهان عَمَّ: فعل ماضي وَهْوَ مبتدأ، وعَمَّ: فعل ماضي، وفاعله ضمير مستتر يعود على علم الجنس والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، أو أعمُّ: وَهْوَ أَعَمُّ: خبر لكن حذفت همزته لكثرة الاستعمال، يعني: أفعل التفضيل، مثل خير وشر، كما قال: والقَوْلُ عَمْ، القول هنا كالقول هناك وَهْوَ عَمْ، وهو أعم حينئذٍ وهو عمّ، عمّ ماذا؟ عم معنىً شائعاً، وَهْوَ عَمْ، يعني: من جهة المعنى، وهو من جهة المعنى عم، وهذا نقدره لماذا؟ لأننا ذكرنا أن له حكمين حكم من جهة اللفظ وحكم من جهة المعنى، الحكم اللفظي علم الجنس كعلم الشخص أشار إليه بقوله:

كَعَلَمِ الأشْخَاصِ لَفْظاً، وهو من جهة المعنى عمّ معنى مدلوله شائعٌ كمدلول النكرة، لا يخص واحداً بعينه، إذاً إخراجه من قوله: يُعَيِّنُ المُسَمَّى، لأن ما عيَّن المسمى هذا خصَّ واحداً بعينه، وهنا قال: علم الجنس هذا ليس خاصاً بواحدٍ لا يخص واحداً بعينه ولذلك قال ابن مالك في شرح التسهيل: إنه كاسم الجنس، لا فرق بين علم الجنس واسم الجنس من جهة المعنى فهو عام شائعٌ في أمته فلا يختص به واحد دون آخر، ولا كذلك علم الشخص فأسامة نكرة معنى، معرفة من جهة اللفظ، من جهة المعنى هو نكرة، ومن جهة اللفظ هو معرفة، حينئذٍ ما الفرق بين أسد وأسامة؟ هذا الذي يقع فيه النزاع وهي مسألة مشكلة، فأسامة نكرة معنى معرفة لفظاً، وتفرقة الواضع بين اسم الجنس وعلم الجنس في الأحكام اللفظية تؤذن بالفرق بينهما في المعنى أيضاً، كونه فرق بين اسم الجنس وهو نكرة -أحكامه أحكام النكرة- يعني تدخل عليه (أل)، اسم الجنس، يدخل عليه (أل) ويُضاف ولا يبتدأ به وينعت به النكرة ولا ينعت به المعرفة، الأحكام كلها السابقة نثبتها لعلم الجنس وننفيها عن اسم الجنس، إذاً فرق الواضع من جهة الاستعمال اللفظي أليس كذلك، هذا يؤذن بماذا؟ إذا فرق بينهما في الإحكام اللفظية، علم الجنس، يبتدأ به، يقع مبتدأً لأنه معرفة، لا نحكم عليه بأنه معرفة أولاً، نقول: علم الجنس يبتدأ به، اسم الجنس لا يبتدأ به، علم الجنس لا يُضاف، ولا تدخل عليه (أل) اسم الجنس يُضاف وتدخل عليه (أل، علم الجنس يصح مجيء الحال منه، اسم الجنس لا يصح، هذه فروق تدل على ماذا؟ على أن في المعنى فرقاً كذلك، هذه الفروق اللفظية والأحكام الظاهرة تدل على أن الواضع قد فرق بينهما في المعنى كما فرق بينهما في اللفظ.

واختلفت أقاويل النحاة والأصوليين والمناطقة والحكماء والفلاسفة، كل صاحب فن له ارتباط بالمنطق أو بالأصول أو باللغة إلا ويتعرض لهذه المسألة إما أصالة وإما فرعاً، بل بعضهم ألف رسالة في الفرق بين علم الجنس واسم الجنس، والشوكاني له رسالة مطبوعة في مجموع فتاويه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015