فَمَالِي عَوْضُ إِلاّهُ نَاصِرُ

كذلك قوله:

ومَا عَلَيْنَا إِذَا مَاكُنْتِ جَارَتَنَا ... ألاَّ يُجَاوِرَنَا إِلاَّكِ دَيَّارُ

إِلاَّكِ: والكاف هنا في محل نصب على الاستثناء؛ لتقدمه على المستثنى وهو ديار، حينئذ -هذا إن صحت الرواية- وإلا قيل روي:

ألاَّ يُجَاوِرَنَا سواك دَيَّارُ

أو:

ألاَّ يُجَاوِرَنَا حاشاك دَيَّارُ

على كل هذا منقول في البيت السابق وهو ثابت، وهذا البيت مشكوك فيه.

إذاً: وَذُو اتِّصَالٍ مِنْهُ مَالاَ يبتدأ: يعني: لا يبتدأ به في أول الكلام لغةً لا عقلاً.

وَلاَ يَلِي: يعني: لا يصلح أن يتلو أو يقع بعد إلا الاستثنائية.

اختياراً: هذا منصوب بنزع الخافض يعني: في الاختيار.

ويقصدون به -مصطلح النحاة-: هو ما يقابل الضرورة، يعني: في ضرورة الشعر قد يقدم ما حقه التأخير قد يفصل المتصل، ويصل المنفصل إلى آخره، والضرورات هذه منها ما هو قبيح ومنها ما هو جائز عندهم، ولكن المراد هنا: أن هذا النوع لا يقع الخلاف فيه على ما نقل في لسان العرب إلا في الشعر، وأما في النثر في السعة سعة الكلام والاختيار والإرادة دون ضرورة هذا ممنوع أبداً.

وذلك -الضمير المتصل الذي لا يستقل بنفسه- وذلك مثل ماذا؟ قال:

كَالْيَاء وَالْكَافِ مِنِ ابْنِي أكْرَمَكْ

ابْنِي: الياء هذه ضمير متصل لا يستقل بنفسه، لا يقع في أول الكلام، ولا يقع بعد إلا الاستثنائية.

أكْرَمَكْ: الكاف هذه ضمير متصل لا يستقل بنفسه لا يبتدأ به في أول الكلام، لا ينطق به في أول الكلام، لا يفتتح به في أول الكلام، ولا يقع بعد إلا الاستثنائية في الاختيار، أما في الشعر فهو على حسب الضرورة.

وَالْيَاءِ: كذلك.

مِنْ سَليهِ: سلي هذا فيه ضميران الياء الأولى، والثاني الهاء.

مَا مَلَكْ: الذي ملك، ليس فيه شاهد، إنما اجتمع النوعان: الياء والهاء في قوله: سليه، هذا نقول: ضمير متصل لا يستقل بنفسه ولا يفتتح به في الكلام ولا يقع بعد إلا في الاختيار وأما في الضرورة يعني ضرورة الشعر فله حكمها.

هنا قال: كَالْيَاء وَالْكَافِ، وَالْيَاءِ والهَا، عدد الأمثلة، لماذا عدد الأمثلة ويكفي مثال واحد؟! لأنه أراد أن يعرف لنا الضمير المتصل: وهو الذي لا يبتدأ به ولا يلي إلا، إذاً يكفي أن يقول: كالياء لماذا عدد الضمير؟ الظاهر -والله أعلم- أنه أشار بتعدد الأمثلة إلى أنواع الضمير الثلاثة: المتكلم، والمخاطب، والغائب، ومحالِّه الثلاثة: الرفع، والنصب، والجر، وهذا سيأتي تفصليها.

كَالْيَاء: هذا مثال للمنصوب.

وَالْكَافِ: هذا مثال للمخاطب، أكرمك في محل نصب، ضمير مخاطب منصوب.

ابْنِي: هذا ضمير متكلم مجرور.

إذاً فرق بينهما، مثّل لـ: ابني: ضمير متكلم مجرور، يعني: في محل جر.

أكرمك: الكاف هنا ضمير مخاطب منصوب يعني: في محل نصب.

والياء: من سَليهِ سلي، قومي، الياء هذه ياء المخاطبة ياء الفاعلة، فهي في محل رفع، إذاً: مثل لي: المرفوع بالياء.

والهاء (سَليهِ): في محل نصب مفعول به.

إذاً: أشار بتعدد الأمثلة لاختلاف أنواع الضمير المتصل فقد يكون ضميراً مرفوعاً في محل رفع، وقد يكون منصوباً، وقد يكون مجروراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015