والجمهور أنَّها على نوعٍ واحدٍ وهو الخبَريَّة، ولا تكون استفهامية البتَّة، حينئذٍ نقول: هي لإفادة التكثير وهو الغالب، والاستفهام وهو نادر، هكذا جعله الأشْمُوني، لكن المشهور عند ابن مالك: أنَّها على قسمين (كَأَيِّنْ) مثل (كَمْ)، تكون استفهاميَّة وتكون خبَريَّة، وإن كانت الاستفهاميَّة قليلة، الخبَريَّة هو الكثير ولذلك اعتبرها الجمهور ومنعوا الاستفهاميَّة.

وتخالفها في أنَّها مركَّبة، و (كَمْ) بسيطةٌ على الصحيح كما سبق .. (كَمْ) بسيطة غير مركَّبة، و (كَأَيِّنْ) قيل: أنَّها مركَّبة، وتركيبها من كاف التَّشبيه و (أَيِّنْ) المنَوَّنَة، (كَأَيِّنْ) كاف التَّشبيه و (أَيِّنْ) المنوَّنة، ولهذا جاز الوقف عليها بالنون (كَأَيِّنْ) لأنَّ التنوين لَمَّا دخل في التركيب أشبه النون الأصلية .. نون المثنَّى، ولهذا رُسِم في المصحف نوناً، ومن وقف بِحذفه (كَأَي) اعتبر حكمه في الأصل وهو الحذف في الوقف.

إذاً: فيه وجهان (كَأَيِّنْ) من حيث الوقف: قد يُوقَف عليها بالنون (كَأَيِّنْ) اعتباراً أنَّ التنوين هنا أشبه النون الأصلية كنون المثنى، وبعضهم حذف هذه النون باعتبار كونه تنويناً قبل التركيب، لأن أصله: الكاف و (أَيِّنْ)، (كَأَيِّنْ) رُكِّبَت (أَيٌّ) وهذه اسمٌ في الأصل مُركَّب من حرفين الهمزة والياء، ومُنَوَّن (كَأَيِّنْ) فليست هي نون أصليَّه، وإنَّما هي نون التنوين.

قد يُلاحظ بعد التركيب فيوقف عليه كما يوقف على التنوين يعني: (كَأَي) في الوقف، وإذا لُوحظ أنَّه انسلخ عن معناه الأصلي قبل التركيب حينئذٍ وُقِف عليه بالنون، هذا وجه وهذا وجه.

ومن الفوارق أنَّ مُميِّزها مجرور بـ (مِنْ) غالباً، ومنصوباً في غير الغالب، ولذلك جاء في القرآن في مواضع كثيرة كلها مجرورة بـ (مِنْ) وهذا هو الأفصح، وقد ينصب في غير الغالب.

وفي أنَّها لا تقع استفهاميةً عند الجمهور، هذه من الفوارق.

وفي أنَّها لا تقع مجرورة فلا يدخل عليها حرف الجر.

وفي أنَّ مُميِّزها لا يقع إلا مفرداً: ((وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ)) [آل عمران:146] (نَبِيٍّ) هذا مفرد.

إذاً: هذه الفوارق بين (كَأَيِّنْ) و (كَمْ).

وأمَّا (كَذَا) فتوافق (كَمْ) في أربعة أمور وتخالفها في أربعةٍ أخرى:

توافقها في البناء، والإبهام، والافتقار إلى التمييز، وإفادة التكثير.

وتخالفها في: أنَّها مركَّبة، يعني: (كَذَا) مركَّبة، كاف التَّشبيه مع ذا الإشارية، يعني: اسم إشارة (ذَا):

بِذَا لِمُفْرَدٍ ..

هو نفسه، وتركيبها من كاف التَّشبيه و (ذَا) الإشارية، هذا أنَّها مركَّبة.

وأنَّها لا تلزم التصدير، بل لا تقع في أول الكلام .. (كَذَا) لا تقع في أول الكلام، فتقول: قبضت كذا وكذا درهماً، لكنَّها لا تُستعمل ابتداءً هكذا، وإنَّما تقع حكايةً لقول، تقول: زيدٌ ذهب إلى كذا كذا، ولا تقول: أنا ذهبت كذا كذا، وإنَّما تحكي قول غيرك أو فعل غيرك.

إذاً: لا تلزم التصدير فتقول: قبضت كذا وكذا درهماً، حاكياً حديث غيرك لا ابتداءً، ولذلك السيوطي يقول: الذَّوق يقضي بذلك، وأنَّها لا تُستعمل غالباً إلا معطوفاً عليها: كذا وكذا، يعني: تأتي بها مكررة مع العطف هذا هو الغالب فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015