بقي إذا أكد بالتوكيد اللفظي المشتق، جاء زيدٌ الفاضلُ الفاضلُ، الفاضلُ الأول نعت والثاني يصدق عليه أنه نعت، لكن يشترط في النعت والمنعوت أن يكون بين اللفظين تباين، يعني اختلاف، زيد الفاضل بينهما تخالف، وأما إذا جاء الفاضلُ الفاضلُ، العالم العالم، الأمين الأمين .. نقول: الثاني هذا توكيد؛ لأنه تكرار للسابق، كما إذا قلت: جاء زيد زيد، زيد الثاني هذا توكيد، ليس فاعلاً، والأول هو الفاعل، كذلك إذا قلت: قام قام زيد، الثاني ليس فعلاً مسنداً إلى ما بعده، وإنما هو فعل لا فاعل له، حينئذٍ المباين للفظ متبوعه أخرج به التوكيد اللفظي إذا وقع مشتقاً، لكن يرد عليه كما ذكرنا أنه لا يشمل النوع الثاني، (فَالنَّعْتُ تَابِعٌ مُتِمٌّ) أي: مكملٌ (مَا سَبَقْ) يعني: الذي سبقه، الذي هو المنعوت، (بِوَسْمِهِ) يعني: بوصفه (أَوْ وصف مَا اعْتَلَقْ بِهِ).

ثم قال رحمه الله:

وَلْيُعْطَ في التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ مَا ... لِمَا تَلاَ كَـ امْرُرْ بِقَوْمٍ كُرَمَا

كلٌّ من نوعي النعت الحقيقي .. ، عرفنا الفرق بين الحقيقي والسببي، الحقيقي: ما يرفع ضميراً مستتراً، والسببي: ما يرفع اسماً ظاهراً أو ضميراً بارزاً، بقطع النظر عن عملٍ آخر، فلو نصب ولم يرفع اسماً ظاهراً أو ضميراً بارزاً كالصفة المشبهة؛ لأنها لا ترفع اسما ظاهرا، حينئذٍ نقول: هذا يعتبر من الحقيقي لا من السببي، إذاً ما جرى لغير ما هو له فيه تفصيل، إن رفع اسماً ظاهراً أو ضميراً بارزاً فهو سببياً، وإلا فهو حقيقي.

زيدٌ حسنٌ وجهاً، حقيقي، ووجهاً هذا معمول ليس مرفوعاً والكلام في المرفوع، كل من نوعي النعت الحقيقي والسببي يشتركان في أنهما يتبعان المنعوت في اثنين من خمسة، وهي: واحد من الرفع والنصب والخفض، وهذا مستفاد من قوله: تَابِعٌ؛ لأنه قال في السابق: (يَتْبَعُ في الإِعْرَابِ الأَسْمَاءَ الأُوَلْ) ثم قال: (فَالنَّعْتُ تَابِعٌ).

كونه تابعاً عرفنا أنه الاسم المشارك لما قبله في إعرابه، إذاً النعت لا يكون إلا محكوماً عليه بما حكم لمتبوعه رفعاً ونصباً وخفضاً، هل هذا يحتاج إلى تنصيص مرة أخرى أم أنه داخل في حدِّ النعت؟ أما قلنا النعت أحد التوابع؟ ما معنى التابع؟ الاسم المشارك لما قبله مطلقاً، أو في إعرابه الحاصل المتجدد غير خبر، إذاً صدق عليه أنه لا بد أن يكون مشاركاً لما قبله، رفعاً، نصباً، خفضاً، فإن خالفه فليس بمشارك.

وهذا مستفاد من قوله: تَابِعٌ، في حد النعت، أو في الأبواب التبويب، وواحد من التعريف والتنكير.

الاسم له أحوال عشرة؛ لأن الإعراب إما أن يكون رفعاً أو نصباً أو خفضاً، فهو واحد من هذه الثلاث، وإما أن يكون مفرداً أو مثنىً أو جمعاً، وهذه ثلاث ست، وإما أن يكون نكرة أو معرفة، هذه ثمان، وإما أن يكون مذكراً أو مؤنثاً، هذه عشر.

فباعتبار الإعراب ثلاث، وباعتبار الإفراد وضديه وهو التثنية والجمع ثلاث، وباعتبار التعريف والتنكير اثنان، وباعتبار التذكير والتأنيث اثنان هذه عشرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015