قال هنا: وَنُقِلْ، يعني سُمِع في لسان العرب في (معْ) الساكنة إذا اتصل به ساكن فَتْحٌ وَكَسْرٌ، فجعلَ الفتح والكسر لأجل السكون؛ لذلك قال: لِسُكُونٍ، اللام هذه لام .. وَنُقِلْ فَتْحٌ وَكَسْرٌ لِسُكُونٍ، يعني تعليل .. من أجلِ السكون إذن هو حادث أم أصل؟ حادث، إذن تفهم من هذا أن الأصل في (مع) الساكنة أنها ساكنة، وذلك فيما إذا تلاها مُتحرّك فتبقى على الأصل، وأما إذا تلاها ساكن فحينئذٍ الأصل في التخلص من التقاء الساكنين أن يكون بالكسر، فما جاءَ عن الكسر لا يُعلّل، وإنما نحتاجُ أن نعلل ما فُتح فيه (مع)، فنقول: طلباً للخفة، ولذلك قال: لِسُكُونٍ يَتَّصِلْ، نحو: (مع القوم)، فالفتح طلباً للخفة والكسر على الأصل للتخلص من التقاء الساكنين، والمرادي هنا قال -في شرح البيت-: هما مرتبتان لا مفرعان، يعني الفتح والكسر هنا مرتبتان، إذن كأنهما لغتان، وليسا مفرعتين، بمعنى أنهما ليسا فرعاً لـ َمعْ الساكنة، وهذا فيه نظر، بل الصواب أنه فرعٌ لـ َمعْ الساكنة.

قال المرادي: هما مَرتبتان لا مفرعان، وهذا قول قِيلَ بأنه غير صحيح كما قال: المكودي، بل هما مفرعان لا مرتبتان؛ لأن لغة الفتح لا يحدث الساكن فيها حُكماً؛ لأنها باقية على الأصل، تقول: جئتُ مع زيد، إذن متى يكون فيه القولان -الفتح والكسر-؟ لا بد أن يكون مُتعلقاً بـ (مع) الساكنة؛ لأن لغة الفتح لا يحدث الساكن فيها حُكماً، وإنما يُحدثه في الساكنة .. النوع الثاني الساكنة.

ويدلّ على صحة هذا قوله: لِسُكُونٍ. فجَعلَ الفتح والكسر لأجل السكون، اللام هنا لام التعليل، فدلَّ على أن ذلك مُفرّع عن سابق وهو أصل، وليس كلّ منهما أصل، يعني مُراد المرادي هنا أن الفتح والكسر منقولٌ في (مع) الساكنة أن كل منهما لغة، حينئذٍ مع القوم لغتان، والصواب أنهما ليسا لغتين، بل اللغة هي (مع) الساكن، حينئذٍ إذا التقى ساكن أو تلاها ساكن حينئذٍ رجعنا إلى الأصل، وهو أنه لا يمكن أن ينطق بساكنين متتاليين، فصار تحريكُ (مع) الساكنة صار فرعاً لا أصلاً، فليسَ لغة مستقلة، وإلا لقلنا: ((قُمِ اللَّيْلَ)) [المزمل:2] صار (قُمِ) هذا لغة مستقلة، نقول: لا، بل هو فرع وليس بأصل، فكذلك قوله هنا: ونُقل يعني سُمع، في لغة السكون .. قيّدها كذا، في لغة السكون سمع: فَتْحٌ وَكَسْرٌ لِسُكُونٍ يَتَّصِلْ، دلَّ على أن هذين النوعين الفتح والكسر في (معْ) الساكنة أنه فرع لا أصل، فحينئذٍ لا وجهَ لقول المرادي هنا بأنهما مرتبتان لا مفرَّعان.

هذا الأصل في مع أنها تُضاف إلى ما بعدها، وتفرد (معَ) وتنصب على الحال بمعنى جميعاً، فتخرج عن الظرفية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015