تنقسمُ الحال باعتبارات -هذا نختمُ به الباب- الأول: نقول تنقسمُ الحال باعتبار انتقالها عن صاحبها ولزومها له إلى (المنتقلة) وهو الغالب و (اللازمة).

إذن: باعتبار انتقالها عن صاحبها ولزومها له نقول: تنقسم إلى منتقلة وهو الغالب, وهو الذي أشارَ إليه سابقاً: وَكَوْنُهُ مُنْتَقِلاً, وإلى مُلازمة وليس مُستحقّة.

الثاني: باعتبار قصدها لذاتها وعدمها؛ هل هي مقصودة بالذات أو لا؟ تنقسم إلى قسمين:

مقصودة وهي الغالب, ومُوطِّئة وهي الجامدة الموصوفة التي ذكرناها سابقاً ((بَشَرًا سَوِيًّا)) [مريم:17].

الثالث: تنقسمُ باعتبار التبيين والتوكيد: إلى المبينة وهو الغالب وتُسمى المؤسِّسة, والمؤكِّدة: وهي التي يستفاد معناها بدونها, وهذه الأقسام الست تقدَّمت في كلام الناظم.

الرابع: تنقسمُ باعتبار جريانها على مَن هي له وغيره إلى الحقيقية وهي الغالب, والسببية نحو: مررتُ بالدار قائماً سكانها, يعني: إذا رفعت ضميراً مستتراً قلنا هذه حقيقية لأن الضمير رجعَ إلى مَن هي له، وأما إذا رفعت اسماً ظاهراً حينئذٍ نقول سبببي؛ كما هو الشأن في النعت, نعت حقيقيّ ونعت سبببيّ, "مررتُ بزيد قائم", "مررتُ برجل قائم أبوه", هذا مثلها, "مررتُ بالدار قائماً سكانها".

الخامس: تنقسم باعتبار الزمان إلى مقارِنة لعاملها وهو الغالب، بل قيل الأصل في الحال أنها مقارِنة, مقارَنة كل شيء بحسبه, ومقدَّرة وهي المستقبله، ومنه: ((ادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)) [الزمر:73] ادخلوها الآن خالدين, يعني: في المستقبل مقدَّرة.

فهذه أقسام خمسة تنقسم إليها الحال.

وَالْحَالُ قَدْ يُحْذَفُ مَا فِيهَا عَمِلْ ... وَبَعْضُ مَا يُحْذَفُ ذِكْرُهُ حُظِلْ

إذن: يجوزُ حذفُ عامل الحال لدليل حالي أو لدليل مقالي, والمقالي يعنونَ به أن يكون جواباً لسؤال, والدليل الحالي الذي هو الفعل، راشداً .. لو قال راشداً، لمن؟ للقاصد للسفر, قال: أريد أن أسافر، قال له: راشداً, يعني: تسافر راشداً, والقرينة هنا حالية, قيل: قد تُحذَفُ الحال كذلك، كما حذف عامل الحال للقرينة، وأكثر ما يكون ذلك إذا كانت قولاً أغنى عنه المقول, ((وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ)) [الرعد:23] ((سْلامُ)) [الرعد:24] قائلين سلام, سَلامٌ عَلَيْكُمْ, حينئذٍ نقولُ الحال هنا محذوفة, لأن شأنَها شأن الخبر والنعت, والنعتُ يجوز حذفه إذا عُقل .. إذا علم, وكذلك الخبر إذا علم جاز حذفه، مثلهما الحال لأنها وصفٌ في المعنى، وحينئذٍ يجوز حذفها قياساً على ما سبق.

التَّمْيِيزْ

قال الناظم بعد ذلك رحمه الله تعالى: التَّمْيِيزْ, هذا خاتمة أبوابِ المنصوبات, التمييز يذكرونه بعد الحال لما بينهما من أمور يتّفقان عليهما, وهي خمسة, ويفترقان في سبعة تأتي في آخر الباب إن شاء الله تعالى.

التَّمْيِيزْ قلنا هذا آخرُ وخاتمةُ أبواب المنصوبات حيث يُذكر بعدَه المخفوضات ابتداءً بحروف الجر، ثم يذكر الإضافة، ثم تتوالى أبواب النحو مما لا يكون من العمد, لأنهم يذكرون المرفوعات ثم المنصوبات ثم المخفوضات، ثم بعد ذلك باب نعم وبئس وأفعل التفضيل إلى آخره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015