تنبيه: مما ينخرط في حكم النية المخالفة ما إذا كان للفظ معنيان أو أكثر لغة واشتهر في بعضها دون باقيها ونوى غير ما اشتهر فيه كمن حلف لزوجته لا يطأ أمته ونوى برجله فإن نيته تقبل في الفتيا مطلقًا وفي القضاء إلا إن كانت بطلاق أو عتق معين لاشتهاره عرفًا في الجماع ومرجوحية معناه الثاني وهو الضرب أو المشي بالرجل وحاصل ما أشار له المصنف أن النية المخالفة للفظ قسمان بعيدة عن العرف ولا تقبل مطلقًا كما سيقول لا إرادة ميتة الخ. وقريبة إما موافقة للعرف فتقبل في الفتيا والقضاء وفي الطلاق وغيره ككونها معه في لا يتزوج حياتها وإما مخالفة له مخالفة قريبة فتقبل في الفتوى مطلقًا وفي القضاء إلا في الطلاق والعتق المعين كما سيقول كسمن ضأن إلى قوله إلا

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وهو المحاشاة وإذا كان كذلك بطل قوله: إن النية هنا مؤكدة في بعض أفراد العام، فلا تنفي الحكم عن غيره ووجه بطلانه أن العام هنا لم يرد منه إلا ما نوى اهـ.

وردوا على القرافي أيضًا بأن النية هي أول معتبر في الأيمان ثم السبب والبساط وإذا اقتضى السبب أو البساط تقييد اللفظ أو تخصيصه لكونهما يدلان على قصد التخصيص أو التقييد فلأن يعتبر التخصيص والتقييد المنويان من باب أولى وقال الشيخ أبو زيد الفاسي: والصحيح في النظر أن النية تكون مخصصة وإن لم تكن منافية من جهة أن القواعد الشرعية تقتضي أنه لا تترتب الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات إلا على النيات والقصود وما ليس بمنوي ولا مقصود فغير معتد به ولا مؤاخذة بسببه وهذا أمر لا يكاد يجهله أحد من أهل الشرع قال ابن الشاط رحمه الله ولم يحمل شهاب الدين فيما قاله على ذلك إلا توهمه أن حكم النيات كحكم الألفاظ الدالة على المدلولات والأمر ليس كما توهم والله أعلم اهـ.

وقال البقوري السبتي في اختصار الفروق ويرد على القرافي أن قول القائل والله لا لبست ثوبًا ونوى الكتان وغفل عن غيره هو بمنزلة ما لو صرح بذلك فقال والله لا لبست ثوبًا كتانًا وهو غافل عن غير الكتان فإنه لا يحنث بغير الكتان إجماعًا فكذلك ما نحن فيه اهـ.

وقال ابن مرزوق قد رد على القرافي جماعة ممن ألف عليه وغيرهم منهم العلامة المحقق أبو موسى بن الأمان بما يطول جلبه وتأمل كثرة ما وقع من مسائل المذهب أنه لا يحنث بغير ما نوى ولا يقيدون بأن شرط ذلك أن يتعرض عند نية ما نوى من الأفراد إلى إخراج غيره فلو كان ما ذكره صحيحًا لنبهوا عليه وقد يقال نية الحالف بعض الأفراد عند اليمين تستلزم إخراج غيره كمن حلف لا دخلت دار فلان ونوى شهرًا ولا أكلت سمنًا ونوى سمن بقر اهـ.

مختصرًا فتبين بما تقدم ضعف طريقة القرافي وأنه لا ينبغي حمل كلام المصنف عليها كما فعله ح وتبعه ز سيما ولم يذكرهما في التوضيح ولا أشار إليها فحمل كلامه عليها هنا تعسف وإنما ينبغي أن يحمل على الطريقة الأخرى ويكون معنى نافت خالفت ويكون إشارة لقول ابن عبد السلام تخصيص العام يلزم منه مخالفة الظاهر لأن الدليل اللفظي يقتضي ثبوت الحكم لصورة أو صور والنية المخصصة تنفي ذلك الحكم عن تلك الصورة اهـ.

فالقيد ليس للاحتراز بل كاشف لصورة التخصيص إذ من ضرورياتها ذلك فالشرط ليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015