دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) فِي مَوْضِعٍ لَا يُسْتَأْذَنُ فِيهِ أَوْ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِعِلْمِ السَّامِعِ (بِالْهَاجِرَةِ) وَقْتَ الْحَرِّ (فَوَجَدْتُهُ يُسَبِّحُ فَقُمْتُ وَرَاءَهُ فَقَرَّبَنِي حَتَّى جَعَلَنِي حِذَاءَهُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الذَّالِ وَالْمَدِّ أَيْ بِمُقَابَلَتِهِ صَادِرًا (عَنْ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ مَقَامُ الْوَاحِدِ (فَلَمَّا جَاءَ يَرْفَأُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَهَمْزٍ وَإِبْدَالِهِ حَاجِبُ عُمَرَ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَحَجَّ مَعَ عُمَرَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ مُنَازَعَةِ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ فِي صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(تَأَخَّرْتُ فَصَفَفْنَا) أَيْ فَوَقَفْنَا (وَرَاءَهُ) أَيْ خَلْفَ عُمَرَ، قَالَ الْبَاجِيُّ: رَأَى مَالِكٌ حُكْمَ الْهَاجِرَةِ حُكْمَ صَلَاةِ الضُّحَى وَالْهَاجِرَةُ وَقْتُ الْحَرِّ، وَقَدْ رَأَى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى فَقَالَ: أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ هَذَا الْوَقْتَ أَفْضَلُ، «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» "، وَفِيهِ جَوَازُ الْإِمَامَةِ فِي النَّافِلَةِ.

قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ أَنْ تَفْعَلَ فِي الْخَاصَّةِ وَالنَّفَرِ الْقَلِيلِ نَحْوَ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا مَشْهُورًا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي غَيْرِ نَافِلَةِ رَمَضَانَ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِيهِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى وَكَانَ ابْنُهُ يُنْكِرُهَا وَيَقُولُ: لِلضُّحَى صَلَاةٌ، وَكَذَا كَانَ لَا يَقْنَتُ وَلَا يَعْرِفُ الْقُنُوتَ، وَرَوَى الْقُنُوتَ عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَتَدْنُو لِلْغُرُوبِ، وَكَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَيْهَا بِالدِّرَّةِ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ مِنِ اخْتِلَافِهِمَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015