حَرَامٌ.

قَالَ: وَوَجْهُ الْحَدِيثِ عِنْدِي أَنَّ الْمَعَانِيَ الْمُتَعَبَّدَ بِهَا فِي الْكِلَابِ مِنْ غَسْلِ الْإِنَاءِ سَبْعًا، لَا يَكَادُ يَقُومُ بِهَا الْمُكَلَّفُ، وَلَا يَتَحَفَّظُ مِنْهَا، فَرُبَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ بِاتِّخَاذِهَا مَا يَنْقُصُ أَجْرَهُ مِنْ ذَلِكَ.

وَيُرْوَى أَنَّ الْمَنْصُورَ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدٍ عَنْ سَبَبِ الْحَدِيثِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُنْجِ الضَّيْفَ، وَيُرَوِّعُ السَّائِلَ، انْتَهَى.

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ التَّحْرِيمِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ، بَلْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ تَقَعُ بِعَدَمِ التَّوْفِيقِ لِلْعَمَلِ بِمِقْدَارِ قِيرَاطٍ، أَوْ قِيرَاطَيْنِ مِمَّا كَانَ يَعْمَلُهُ مِنَ الْخَيْرِ لَوْ لَمْ يَتَّخِذِ الْكَلْبَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الِاتِّخَاذَ حَرَامٌ، وَالْمُرَادُ بِالنَّقْصِ أَنَّ الْإِثْمَ بِاتِّخَاذِهِ يُوَازِنُ قَدْرَ قِيرَاطٍ أَوْ قِيرَاطَيْنِ مِنْ أَجْرِهِ، فَيَنْقُصُ مِنْ ثَوَابِ عَمَلِهِ قَدْرُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ بِاتِّخَاذِهِ، وَهُوَ قِيرَاطٌ أَوْ قِيرَاطَانِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَفِي الْحَدِيثِ: الْحَثُّ عَلَى تَكْثِيرِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْعَمَلِ بِمَا يَنْقُصُهَا، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَسْبَابِ الزِّيَادَةِ فِيهَا وَالنَّقْصِ مِنْهَا لِتُجْتَنَبَ أَوْ تُرْتَكَبَ، وَبَيَانُ لُطْفِ اللَّهِ بِخَلْقِهِ فِي إِبَاحَةِ مَا لَهُمْ فِيهِ نَفْعٌ، وَتَبْلِيغُ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ أُمُورَ مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ، وَتَرْجِيحُ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ لِاسْتِثْنَاءِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِمَّا حَرُمَ اتِّخَاذُهُ.

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّيْدِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ فِي الْبُيُوعِ عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015