بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَشَارَ) الصَّحَابَةَ (فِي الْخَمْرِ يَشْرَبُهَا الرَّجُلُ) وَصْفٌ طَرْدِيٌّ فَالْمُرَادُ الْمُكَلَّفُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنَّمَا اسْتَشَارَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُبَيِّنْهُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ أَيْ لَمْ يُقَدِّرْ فِيهِ حَدًّا مَضْبُوطًا (فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: نَرَى أَنْ تَجَلِدَهُ ثَمَانِينَ) كَحَدِّ الْقَذْفِ (فَإِنَّهُ إِذَا شَرِبَ سَكِرَ) زَالَ عَقْلُهُ (وَإِذَا سَكِرَ هَذَى) خَلَطَ وَتَكَلَّمَ بِمَا لَا يَنْبَغِي (وَإِذَا هَذَى افْتَرَى) كَذَبَ وَقَذَفَ (أَوْ كَمَا قَالَ) شَكَّ الرَّاوِي (فَجَلَدَ عُمَرُ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ) وَفِي أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ فِي قِصَّةِ الشَّارِبِ الَّذِي ضَرَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُنَيْنٍ وَفِيهِ: فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ كَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنَّ النَّاسَ قَدِ انْهَمَكُوا فِي الشُّرْبِ وَتَحَاقَرُوا الْعُقُوبَةَ، قَالَ وَعِنْدَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَسَأَلَهُمْ فَاجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضْرِبَهُ ثَمَانِينَ.

وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ: فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْهُمْ، وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ التَّابِعِينَ وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ كَالشُّذُوذِ الْمَحْجُوجِ بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَتُعُقِّبَ بِمَا فِي الصَّحِيحِ «عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ جَلَدَ الْوَلِيدَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ قَالَ: جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ» ، فَلَوْ أَجْمَعُوا عَلَى الثَّمَانِينَ فِي زَمَنِ عُمَرَ لَمَا خَالَفُوا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَجَلَدُوا أَرْبَعِينَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُ أَبِي عُمَرَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى الثَّمَانِينَ بَعْدَ عُثْمَانَ فَيَصِحُّ كَلَامُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015