بِوَزْنِ فَعِيلَةٍ، مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْبَرِيرِ وَهُوَ ثَمَرُ الْأَرَاكِ، وَقِيلَ كَأَنَّهَا فَعِيلَةٌ مِنَ الْبُرِّ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ كَمَبْرُورَةٍ أَوْ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ كَرَحِيمَةٍ، هَكَذَا وَجَّهَهُ الْقُرْطُبِيُّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيَّرَ اسْمَ جُوَيْرِيَةَ، وَكَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ، وَقَالَ: " لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ» ". فَلَوْ كَانَتْ بَرِيرَةُ مِنَ الْبِرِّ لَشَارَكَتْهَا فِي ذَلِكَ، وَكَانَتْ بَرِيرَةُ لِنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ كَمَا عِنْد أَبِي نُعَيْمٍ، وَقِيلَ لِنَاسٍ مِنْ بَنِي هِلَالٍ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ، وَقِيلَ لِآلِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ زَوْجَهَا مُغِيثٌ هُوَ الَّذِي كَانَ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ، وَقِيلَ لِآلِ عُقْبَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّ مَوْلَى عُقْبَةَ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَذَكَرَتْ لَهُ قِصَّةَ بَرِيرَةَ، أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَكَانَتْ بَرِيرَةُ تَخْدِمُ عَائِشَةَ قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ كَمَا فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ، وَعَاشَتْ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَتَفَرَّسَتْ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَنَّهُ يَلِي الْخِلَافَةَ فَبَشَّرَتْهُ بِذَلِكَ، وَرَوَاهُ هُوَ عَنْهَا كَمَا قَدَّمْتُهُ. (فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي) يَعْنِي سَادَاتَهَا، وَالْأَهْلُ فِي الْأَصْلِ الْآلُ (عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ) بِوَزْنِ جَوَارٍ، وَالْأَصْلُ أَوَاقِيُّ بِشَدِّ الْيَاءِ فَحُذِفَتْ إِحْدَى الْيَاءَيْنِ تَخْفِيفًا وَالثَّانِيَةُ عَلَى طَرِيقَةِ قَاضٍ (فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنْ بَرِيرَةَ دَخَلَتْ عَلَيْهَا تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا وَعَلَيْهَا خَمْسُ أَوَاقٍ نَجَمَتْ عَلَيْهَا فِي خَمْسِ سِنِينَ، وَجَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّهَا غَلَطٌ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ التِّسْعَ أَصْلٌ وَالْخَمْسَ كَانَتْ بَقِيَتْ عَلَيْهَا، وَبِهِ جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُعَكَّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ: وَلَمْ تَكُنْ أَدَّتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا كَانَتْ حَصَّلَتِ الْأَرْبَعَ أَوَاقٍ قَبْلَ أَنْ تَسْتَعِينَ بِعَائِشَةَ ثُمَّ جَاءَتْهَا وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهَا خَمْسَةٌ، وَأَجَابَ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ الْخَمْسَ هِيَ الَّتِي كَانَتِ اسْتَحَقَّتْ عَلَيْهَا بِحُلُولِ نُجُومِهَا مِنْ جُمْلَةِ التِّسْعِ الْأَوَاقِيِّ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: فَقَالَ أَهْلُهَا: إِنْ شِئْتَ أَعْطَيْتَ مَا تَبَقَّى (فَأَعِينِينِي) بِصِيغَةِ أَمْرِ الْمُؤَنَّثِ مِنَ الْإِعَانَةِ، وَوَقَعَ عِنْدَ بَعْضِ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ " فَأَعْيَتْنِي " بِصِيغَةِ الْخَبَرِ الْمَاضِي مِنَ الْإِعْيَاءِ، أَيْ أَعْجَزَتْنِي الْأَوَاقِيُّ عَنْ تَحْصِيلِهَا وَهُوَ مُتَّجِهُ الْمَعْنَى، وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِ: فَأَعْتِقِينِي، مِنَ الْعِتْقِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، لَكِنَّ الثَّابِتَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْ هِشَامٍ الْأَوَّلُ. (فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ) بِكَسْرِ الْكَافِ، مَوَالِيكِ (أَنْ أَعُدَّهَا) أَيِ التِّسْعَ أَوَاقٍ (لَهُمْ) ثَمَنًا (عَنْكِ عَدَدْتُهَا) فِيهِ أَنَّ الْعَدَّ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَعْلُومَةِ الْوَزْنِ يَكْفِي عَنِ الْوَزْنِ، وَأَنَّ الْمُعَامَلَةَ حِينَئِذٍ كَانَتْ بِالْأَوَاقِيِّ، وَزَعَمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015