بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَتُكْسَرُ وَتُضَمُّ كَمَا فِي الْمُحْكَمِ وَغَيْرِهِ الْحِضْنُ أَيْ وَضْعَهُ إِنْ قُلْنَا كَانَ كَمَا وُلِدَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْجُلُوسَ حَصَلَ مِنْهُ عَلَى الْعَادَةِ إِنْ قُلْنَا كَانَ فِي سِنِّ مَنْ يَحْبُو كَمَا فِي قِصَّةِ الْحَسَنِ (فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ) أَيْ ثَوْبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَغْرَبَ ابْنُ شَعْبَانَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالَ: الْمُرَادُ ثَوْبُ الصَّبِيِّ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ كَذَا قَالَ الْحَافِظُ: وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ أَفْهَمَ أَنَّ الثَّانِي خَطَأٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الِابْنَ بَالَ عَلَى ثَوْبِ نَفْسِهِ وَهُوَ فِي حَجْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَضَحَ الْمَاءَ عَلَيْهِ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ طَارَ عَلَى ثَوْبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَبِهَذَا يَكُونُ دَلِيلًا لِلْقَائِلِينَ بِنَجَاسَةِ بَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ.

(فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ) صَبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ (وَلَمْ يَغْسِلْهُ) أَيْ لَمْ يَعْرُكْهُ، وَالنَّضْحُ لُغَةً يُقَالُ لِلرَّشِّ وَلِصَبِّ الْمَاءِ أَيْضًا كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنِّي لَأَعْلَمُ أَرْضًا يُقَالُ لَهُ عُمَانُ يَنْضَحُ بِنَاحِيَتِهَا الْبَحْرُ بِهَا حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ لَوْ أَتَاهُمْ رَسُولِي مَا رَمَوْهُ بِسَهْمٍ وَلَا حَجَرٍ» " قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَادَّعَى الْأَصِيلِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَمْ يَغْسِلْهُ مُدْرَجٌ مِنَ ابْنِ شِهَابٍ، وَأَنَّ الْمَرْفُوعَ انْتَهَى بُقُولِهِ فَنَضَحَهُ، قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَى مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَقَالَ: فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَزِدْ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: فَرَشَّهُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ.

قَالَ الْحَافِظُ: لَيْسَ فِي سِيَاقِ مَعْمَرٍ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِدْرَاجِ.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِنَحْوِ سِيَاقِ مَالِكٍ لَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَقَدْ قَالَهَا مَعَ ذَلِكَ اللَّيْثُ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ، وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ عَنْ يُونُسَ وَحْدَهُ، نَعَمْ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَمَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يُرَشَّ بَوْلُ الصَّبِيِّ وَيُغْسَلَ بَوْلُ الْجَارِيَةِ، فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ هِيَ الَّتِي زَادَهَا مَالِكٌ وَمَنْ تَبِعَهُ لَأَمْكَنَ دَعْوَى الْإِدْرَاجِ لَكِنَّهَا غَيْرُهَا فَلَا إِدْرَاجَ.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فَلَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهَا لَفْظُ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَتْ مُخَالِفَةً لِرِوَايَةِ مَالِكٍ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ النَّدْبُ إِلَى حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَالتَّوَاضُعِ وَالرِّفْقِ بِالصِّغَارِ وَتَحْنِيكِ الْمَوْلُودِ وَالتَّبَرُّكِ بِأَهْلِ الْفَضْلِ وَحَمْلِ الْأَطْفَالِ إِلَيْهِمْ حَالَ الْوِلَادَةِ وَبَعْدَهَا وَحُكْمُ بَوْلِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ قَبْلَ أَنْ يُطْعَمَا وَهُوَ مَقْصُودُ الْبَابِ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ أَصَحُّهَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الِاكْتِفَاءُ بِالنَّضْحِ أَيِ الرَّشِّ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ لَا الصَّبِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِمْ، وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ لَكِنْ قَالَ أَصْحَابُهُ هِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ.

وَالثَّانِي يَكْفِي النَّضْحُ فِيهِمَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَخَصَّصَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ النَّقْلَ فِي هَذَا بِمَا إِذَا كَانَا لَمْ يَدْخُلْ فِي أَجْوَافِهِمَا شَيْءٌ أَصْلًا.

وَالثَّالِثُ هُمَا سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْغَسْلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَتْبَاعِهِمَا وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَأَحَادِيثُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ بَوْلِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ.

وَقَالَ الْحَافِظُ: فِي الْفَرْقِ أَحَادِيثُ لَيْسَتْ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015