وَقَتَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي خِلَافَتِهِ امْرَأَةً ارْتَدَّتْ وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ.

وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: " «وَأَيُّمَا رَجُلٍ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ فَادْعُهُ فَإِنْ عَادَ وَإِلَّا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٌ ارْتَدَّتْ عَنِ الْإِسْلَامِ فَادْعُهَا فَإِنْ عَادَتْ وَإِلَّا فَاضْرِبْ عُنُقَهَا» ". وَسَنَدُهُ حَسَنٌ، وَهُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ قِصَّةٍ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: " أُتِيَ عَلِيٌّ بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أَحْرِقْهُمْ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ. وَلَقَتَلْتُهُمْ ; لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ". زَادَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ: " فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَقَالَ: وَيْحَ أُمِّ ابْنِ عَبَّاسٍ ". وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ اعْتِرَاضَهُ عَلَيْهِ وَرَأَى أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ ; لِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَرَى جَوَازَ التَّحْرِيقِ، وَكَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَغَيْرُهُمَا تَشْدِيدًا عَلَى الْكُفَّارِ وَمُبَالَغَةً فِي النِّكَايَةِ وَالنَّكَالِ، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَقَالَ: صَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ. لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ مِنْ حَيْثُ التَّنْزِيهُ، لَكِنْ قَالَ أَبُو عُمَرَ: قَدْ رُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا أَحْرَقَهُمْ بَعْدَ قَتْلِهِمْ. رَوَى الْعَقِيلِيُّ عَنْ عُثْمَانَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الشِّيعَةِ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالُوا: أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: وَيْلَكُمْ مَنْ أَنَا؟ قَالُوا: أَنْتَ رَبُّنَا، قَالَ: وَيَلْكُمُ ارْجِعُوا وَتُوبُوا، فَأَبَوْا فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ ثُمَّ قَالَ: يَا قُنْبُرُ ائْتِنِي بِحِزَمِ الْحَطَبِ، فَحَفَرَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ أُخْدُودًا فَأَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ ثُمَّ قَالَ:

لَمَّا رَأَيْتُ الْأَمْرَ أَمْرًا مُنْكَرًا ... أَجَّجْتُ نَارِي وَدَعَوْتُ قُنْبُرًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015