كَذَلِكَ يَقْصِدُ فِي جَزَائِهِ التَّبَوُّءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَذْهَبُنَا، أَيْ أَهْلِ السُّنَّةِ، فِي الْوَعِيدِ أَنَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ بَلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَفَرَ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] (سورة النِّسَاءِ: الْآيَةُ 48) وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ ... لَمُخْلِفٌ إِيعَادِي وَمُنْجِزٌ مَوْعِدِي.

فَمَدَحَ نَفْسَهُ بِإِخْلَافِ الْوَعِيدِ وَلَوْ كَانَ كَذِبًا مَا مَدَحَ بِهِ نَفْسَهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود: 65] (سورة هُودٍ: الْآيَةُ 65) ، وَقَالَ: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: 54] (سورة مَرْيَمَ: الْآيَةُ 54) فَوَصَفَ الْوَعْدَ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ. وَفِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ بِوُجُوبِ التَّغْلِيظِ بِالْمَكَانِ، فَفِي الْمَدِينَةِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَبِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَبِغَيْرِهِمَا بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَا يُغَلَّظُ بِهِ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ، وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ مَرْفُوعًا: " مَنْ «حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ يَسْتَحِلُّ بِهَا مَالَ مُسْلِمٍ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» ". أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015