الْحَدِيثَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعَارُضٍ اه.

وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: حَدِيثُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمَاءَ مِنَ الْمَاءِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ فِي الِاحْتِلَامِ يُرِيدُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الِاحْتِلَامِ عَلَى مَنْ رَأَى أَنَّهُ يُجَامِعُ وَلَمْ يُنْزِلْ غُسْلٌ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ. اه.

وَفِيهِ عِنْدِي وَقْفَةٌ، فَفِي مُسْلِمٍ «عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الِاثْنَيْنِ إِلَى قُبَاءَ حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَنِي سَالِمٍ وَقَفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَابِ عِتْبَانَ فَصَرَخَ بِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ إِزَارَهُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَعْجَلْنَا الرَّجُلَ "، فَقَالَ عِتْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُعْجَلُ عَنِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُمْنِ مَاذَا عَلَيْهِ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» " وَمَعْلُومٌ أَنَّ صُورَةَ السَّبَبِ قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ، وَقَدْ أَتَى الْحَدِيثُ بِأَدَاةِ الْحَصْرِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ مَنْ أَوْلَجَ وَلَمْ يُمْنِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمَا إِنَّهُ لَا يَدْفَعُ كَوْنَهُ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وَهُوَ أَيْضًا مُتَأَكِّدٌ لِحَمْلِهِ عَلَى رُؤْيَا الْمَنَامِ، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَلِذَا عَقَّبَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَا رَوَاهُ «عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْسَخُ حَدِيثَهُ بَعْضَهُ بَعْضًا كَمَا يَنْسَخُ الْقُرْآنُ بَعْضَهُ بَعْضًا» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015