(عَنْ أَبِي الْغَيْثِ) بِمُعْجَمَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ فَمُثَلَّثَةٍ (سَالِمٍ) الْمَدَنِيِّ وَهُوَ بِكُنْيَتِهِ أَشْهَرُ مِنِ اسْمِهِ وَقَدْ سُمِّيَ هُنَا فَلَا الْتِفَاتَ لِمَنْ قَالَ لَا يُوقَفُ عَلَى اسْمِهِ صَحِيحًا، نَعَمْ لَا يُعْرَفُ اسْمُ أَبِيهِ (مَوْلَى) عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ مُطِيعٍ) بْنِ الْأَسْوَدِ الْعَدَوِيِّ الْمَدَنِيِّ لَهُ رُؤْيَةٌ وَأَمَّرَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْكُوفَةِ ثُمَّ قُتِلَ مَعَهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ خَيْبَرَ) بِمُعْجَمَةٍ آخِرُهُ رَاءٌ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ وَضَّاحٍ عَنْ يَحْيَى وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لِجَمَاعَةِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ، وَغَلَطَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى فَقَالَ " حُنَيْنٍ " نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

وَحَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ أَنَّ ثَوْرَ بْنَ زَيْدٍ وَهِمَ فِي قَوْلِهِ: خَرَجْنَا؛ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى خَيْبَرَ وَإِنَّمَا قَدِمَ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ خَيْبَرَ بَعْدَ أَنْ فُتِحَتْ، يَعْنِي كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ وَقَدِ اسْتَخْلَفَ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ " الْحَدِيثَ وَفِيهِ: " فَزَوَّدْنَا شَيْئًا حَتَّى أَتَيْنَا خَيْبَرَ وَقَدِ افْتَتَحَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْرَكُونَا فِي سِهَامِهِمْ» " وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ «عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ بِلَفْظِ: " انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى وَادِي الْقُرَى» " فَلَعَلَّ ثَوْرًا وَهِمَ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ غَيْرُ ابْنِ إِسْحَاقَ وَزَعَمَ أَنَّ رِوَايَتَهُ أَرْجَحُ لَا تُسْمَعُ، فَأَيْنَ يَقَعُ سَمَاعُهُ مِنْ سَمَاعِ مَالِكٍ حَتَّى يُقَدَّمَ عَلَيْهِ؟ وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ فِي مُسْلِمٍ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خَيْبَرَ إِلَى وَادِي الْقُرَى» " فَلَعَلَّ هَذَا أَصْلُ الْحَدِيثِ، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَضَرَ قِسْمَةَ الْغَنَائِمِ (فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا) وَفِي رِوَايَةٍ: وَلَا فِضَّةً (إِلَّا الْأَمْوَالَ: الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ) كَذَا لِيَحْيَى وَحْدَهُ، وَلِلشَّافِعِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِمْ: إِلَّا الْأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ بِحَرْفِ الْعَطْفِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ الْمَحْفُوظُ.

وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ: إِلَّا الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ وَالْأَمْوَالَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: " حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الدِّيلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً إِنَّمَا غَنِمْنَا الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْمَغَازِي وَهِيَ سَالِمَةٌ مِنَ الِاعْتِرَاضِ بِحَمْلِ قَوْلِهِ افْتَتَحْنَا أَيِ الْمُسْلِمُونَ، وَلَهُ نَظَائِرُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فَجَوَّزَ أَبُو إِسْحَاقَ مَعَ جَلَالَتِهِ إِسْنَادَهُ بِسَمَاعِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَقَضَى بِأَنَّهَا خَيْبَرُ لَا حُنَيْنٌ، وَرَفَعَ الْإِشْكَالَ قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ وَهِيَ دَوْسٌ لَا تُسَمِّي الْعَيْنَ مَالًا وَإِنَّمَا الْأَمْوَالُ عِنْدَهُمُ الثِّيَابُ وَالْمَتَاعُ وَالْعَرُوضُ وَعِنْدَ غَيْرِهِمُ الْمَالُ الصَّامِتُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ.

وَقَالَ الْحَافِظُ: مُقْتَضَاهُ أَنَّ الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ لَا يُسَمَّى مَالًا.

وَقَدْ نَقَلَ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ عَنِ الْمُفَضَّلِ الضَّبِّيِّ قَالَ: الْمَالُ عِنْدَ الْعَرَبِ الصَّامِتُ وَالنَّاطِقُ، الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْجَوْهَرُ، وَالنَّاطِقُ الْبَعِيرُ وَالْبَقَرُ وَالشَّاةُ، فَإِذَا قُلْتَ عَنْ حَضَرِيٍّ كَثُرَ مَالُهُ فَالْمُرَادُ الصَّامِتُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015