(أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ فِي السُّؤَالِ (كُلِّهِ طَاهِرًا) مُتَوَضِّئًا، لِفِعْلِهِ كَذَلِكَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ) ، أَيْ عَدَمَ الطَّهَارَةِ فِي تِلْكَ الْأَمَاكِنِ.

(وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِلرَّاكِبِ: أَيَنْزِلُ أَمْ يَقِفُ رَاكِبًا؟) أَيْ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ (فَقَالَ: بَلْ يَقِفُ رَاكِبًا) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ كَمَا فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ.

(إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ، أَوْ بِدَابَّتِهِ عِلَّةٌ فَاللَّهُ أَعْذَرُ بِالْعُذْرِ) ، أَيْ بِسَبَبِهِ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ: أَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ لِمَنَافِعَ وَأَغْرَاضٍ لِرَاكِبِهَا جَائِزٌ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُجْحِفًا بِالدَّابَّةِ، أَوْ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ، وَأَنَّ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ فِي الْأَغْلَبِ وَالْأَكْثَرِ وَلِمَنْ يَتَّخِذُ ذَلِكَ عَادَةً لِلتَّحَدُّثِ عَلَيْهَا، كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُهُ الْجَاهِلِيَّةُ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ رَاكِبًا عَلَيْهَا فَأَخَذَهُ الْحَدِيثُ مَعَ جَمَاعَةٍ، وَلَمْ يَطُلْ ذَلِكَ كَثِيرًا حَتَّى يَضُرَّ بِهَا فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَاصِدًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَبْلِيغِ كَلَامِهِ، أَوْ لِخَوْفٍ عَلَى الدَّابَّةِ إِنْ تَرَكَهَا، أَوْ عَلَى نَفْسِهِ، فَيَرْكَبُهَا لِيُحْرِزَهَا وَيُحْرِزَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015