النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ، تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، وَأَبُوهُ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، أَوَّلُ مَشَاهِدِهِ أُحُدٌ، وَقِيلَ: شَهِدَ بَدْرًا وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ.

(عَنْ مَنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قِيلَ: هُوَ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ لِلْحَدِيثِ التَّالِي. قَالَ الْحَافِظُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ أَبُوهُ خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ مُحَقَّقٌ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَسَبَقَهُ الْغَزَالِيُّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَبَا أُوَيْسٍ رَوَاهُ، عَنْ يَزِيدَ شَيْخِ مَالِكٍ فَقَالَ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ صَالِحًا سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ سَهْلٍ فَأَبْهَمَهُ تَارَةً وَعَيَّنَهُ أُخْرَى لَكِنَّ قَوْلَهُ: (يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ) يُعَيِّنُ أَنَّ الْمُبْهَمَ أَبُوهُ إِذْ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، عَنْ سَهْلٍ أَنَّهُ صَلَّاهَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ سَهْلًا لَمْ يَكُنْ فِي سِنِّ مَنْ يَخْرُجُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ لِصِغَرِهِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَرْوِيَهَا، فَرِوَايَتُهُ إِيَّاهَا مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ، فَبِهَذَا يَقْوَى تَفْسِيرُ الَّذِي صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخُوَّاتٍ (صَلَاةَ الْخَوْفِ) ، وَسُمِّيَتْ ذَاتُ الرِّقَاعِ؛ لِأَنَّ أَقْدَامَ الْمُسْلِمِينَ نُقِبَتْ مِنَ الْحَفَاءِ فَكَانُوا يُلْقُونَ عَلَيْهَا الْخِرَقَ، أَوْ لِأَنَّهُمْ رَاقَعُوا رَايَاتَهُمْ فِيهَا، أَوْ لِأَنَّ أَرْضَهَا ذَاتُ أَلْوَانٍ تُشْبِهُ الرِّقَاعَ، أَوْ لِشَجَرَةٍ نَزَلُوا تَحْتَهَا، أَوْ جَبَلٍ هُنَاكَ فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ وَسَوَادٌ.

وَقَوْلُ ابْنِ حِبَّانَ: لِأَنَّ خَيْلَهُمْ كَانَ بِهَا سَوَادٌ وَبَيَاضٌ لَعَلَّهُ تَصَحَّفَ عَلَيْهِ جَبَلٌ بَخِيلٍ، وَرَجَّحَ السُّهَيْلِيُّ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي قَالَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَكَذَا النَّوَوِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِالْمَجْمُوعِ لِوُجُودِ هَذِهِ الْأُمُورِ كُلِّهَا فِيهَا (وَأَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ) هَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا صَلَّتْ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُمَا صَحِيحَانِ (مَعَهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَصَفَّتْ طَائِفَةٌ) بِالرَّفْعِ أَيِ: اصْطَفُّوا يُقَالُ: صَفَّ الْقَوْمُ إِذَا صَارُوا صَفًّا (وِجَاهَ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا؛ أَيْ: مُقَابِلِ (الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ) حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا وَأَتَمُّوا) أَيِ: الَّذِينَ صَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ (لِأَنْفُسِهِمْ) رَكْعَةً أُخْرَى (ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَلُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى) الَّتِي كَانَتْ وِجَاهَ الْعَدُوِّ (فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا) لَمْ يَخْرُجْ مِنْ صَلَاتِهِ (وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمُ) الرَّكْعَةَ الْأُخْرَى (ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَرَوَاهُ بَقِيَّةُ السِّتَّةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015