قوله: «حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أم الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها وعن أبيها وعن جدها أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ» هذا هو أخو أبي جهل عدو الله لأبويه، وابن عم خالد بن الوليد، شهد بدراً كافراً، وأسلم يوم الفتح، وحسن إسلامه وأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين مائة من الإبل.

وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم، وكان لأبي جهل أربعة أخوة الحارث المذكور هنا، وسلمة وخالد والعاص وكلهم أسلموا علي الصحيح، وكذلك أمهم أسلمت واسمها: سلمى وهي صحابية، وكذلك بنت أبي جهل أسلمت صحابية، إلا الشقي الخاسر والعنيد الكافر أبا جهل لعنه الله فإنه لم يسلم، وقد آذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيراً بالغاً مع شهد منه من المعجزات الظاهرة، والآيات الباهرة.

ومما اتفق له مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قاله الماوردي في أعلام النبوة: «أن قريشاً كانوا مجتمعين مرة فكان بعضهم يحث بعضهم على قتله ويقول لهم: الموت لكم خير من الحياة إن بقي محمد، وكان بعضهم يقول: كيف نصنع؟ فقال أبو جهل لعنه الله: هل محمد إلا رجلاً واحدًا أليس فيكم من يزهد في الحياة ويقتله ويريح قومه فقالوا: من فعل هذا ساد بيننا؟ فقال: أبو جهل أفعل هذا وليس محمد بأقوى رجل منا، وإذا جاء أقوم إليه بحجر فأشدخ رأسه فإن قتلته فقد أرحت قومي منه، وإن أبقيت فذلك الذي أبقي، فخرجوا على هذه النية، ففي اليوم الثاني اجتمعوا في الحطيم فخرج عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: قد جاء فتقدم - صلى الله عليه وسلم - إلى الركن وقام يصلي، فنظروا إليه وهو يطيل الركوع والسجود، فقام أبو جهل وقال: الآن أريحكم منه فأخذ مهراساً أي: حجراً عظيماً ودنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد لا يلتفت إليه ولا يهابه وهو يراه، فلما دنا ارتعد وأرسل الحجر على رجله فرجع وقد هرست أصابعه وهو يرتعد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساجد، فقال أبو جهل لأصحابه: خذوني إليكم فالتزموه وقد غشي عليه ساعة، فلما أفاق قال له أصحابه ما الذي أصابك؟ قال: لما دنوت منه أقبل عليَّ فحل واقف علي رأسه، فاتح فاه، فحمل عليَّ وصك أسنانه فلم أتمالك وأنا أرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015