بحصن الجوازات زيادة على أربعين سنة مجاهداً يذكر أن جيشاً لجباً خرج عن طرسوس غازياً في زيادة على عشرين ألف فارس وراجل من باب المسدود فأصيبوا عن آخرهم في بلد الروم واستشهدوا رحمة الله عليهم ولم يعد منهم إلى طرسوس مخبر، فأجمع رأي أهل طرسوس على سده تشاؤماً به.

قال: وقد رأيته مفتوحاً وهو ما بين زاوية الحبالين وباب الجهاد عند آخر شارع النجارين، تتصل به الدار الكبيرة التي بنيت للسيدة أم المقتدر بالله رحمهما الله، وليس بطرسوس ولا بالثغر كله دار أكبر منها. وبرسم هذه الدار صناع معروفون من أهل سوق السلاح لتدبير جوانبها، ورم شعث سلاحها وجلاء دروعها وسيوفها، في كل سنة مرة أو مرتين، وكان يركب من هذه الدار إلى الجهاد في سبيل الله مائة وخمسون غلاماً بجنائبهم ومن ضامهم، ويرؤسهم رجل منهم على رأسه مطارد تعرف بهم متى احتيج إليهم في الغزو لساقة أو ميمنة أو ميسرة أو في تجريد لحادثة سدوا أكبر مسد، وقوفهم بأرض الثغر وأعمال أنطاكية وحلب معروفة مشهورة، وارتفاعها في السنة الواحدة مائة ألف دينار يستغرقها الاتفاق، وربما اقترضوا إن تعذر وجه مالهم وردوه عند حصوله.

قال: وأما شارع باب الصفصاف ففيه دار قبيحة أم المعتز بالله رحمهما الله، قد بنيت حجراً مقدرة لسكنى مائة وخمسين غلاماً، في كل حجرة منها بيتان ومرتفق، وبرسم هذا الوقف رئيس يركب هؤلاء الغلمان بركوبه ويسيرون بسيره، ينشر على رأسه مطرد وأعلام كتابتها المعتز بالله، وكذلك شعارهم إذا سافروا أو غزوا في بلاد الروم وغيره.

قال: وللدار خزانة للسلاح تظهر في أيام الأعياد وعند ورود الرسل من الروم فيها الدروع الحصينة تستر الفارس والفرس، والعمد المذهبة والجواشن البنية والخوذ المنيعة، ومن الأسلحة كل نوع، يحمل كل غلام ما يعاني العمل به. وبرسم هذه الدار مؤدب لا يدخل مكتبه أحداً إلا أولاد موالي المعتز بالله، والرئيس على موالي المعتز من الموالي من وجدوه مذكوراً فارساً رئيساً مقدماً، فإن تعذر من هذه صورته من الموالي نصب لهم رئيس من قواد طرسوس ووجوهها يدبر أمرهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015