فلما صلى الأمير العصر، بعث إلى الحسن بن الصباح الأشعثي وجماعة من وجوه الكوفة، وأصدقاء شريك من العلماء، والقراء، فقال لهم: امضوا إليه وبلغوه السلام، وأعلموه أنه قد استخف بي، وأني لست كالعامة فمضوا، وهو جالس في مسجده بعد العصر، فأبلغوه الرسالة، فلما فرغوا قال لهم، فما لي إلا أراكم جئتم في غيره في الناس كلمتموني من هنا من فتيان الحي فليأخذ كل واحد منكم بيد رجل منهم، واذهبوا بهم إلى السجن، لا، والله لا بتم إلا فيه، قالوا: أجاداً أنت حقاً؟ قال: نعم، حتى لا تعودوا برسالة ظالم، فحبسهم، فركب الأمير موسى بن عيسى في الليل وفتح باب الحبس، وأخرجهم جميعاً، وجاء من الغد السجان إلى شريك في مجلس القضاء، فأخبره، فأمر بالقنطر فختمها، ووجه بها إلى منزله.

وقال لغلامه: الحقني بثقلي إلى بغداد، والله ما طلبنا هذا الأمر منهم ولكن أكرهونا عليه، ولقد ضمنوا لنا الإغراء فيه إذا تقلدناه لهم، ومضى نحو قنطرة الكوفة يريد بغداد، فبلغ الخبر موسى بن عيسى فركب في موكبه فلحقه، وجعل يناشده الله، وقال يا أبا عبد الله، تثبت انظر إلى أخوانك تحبسهم دع أعواني قال نعم، لأنهم مشوا لك في أمر لم يجب عليهم المشي فيه، ولست ببارح، أو يردوا إلى الحبس، وإلا مضيت إلى أمير المؤمنين فاستعففته مما جعله إلي فأمر بردهم إلى الحبس، وهو، والله واقف مكانه، حتى جاء السجان فأخبره بذلك.

فقال لأعوانه خذوا بلجام بغلة الأمير فردوه بين يديه، حتى دخل المجلس وجلس. وقال أين الجويرية المتظلمة من هذا؟ فجاءت، قال هذا خصمك قالت نعم، قال قد حضر مجلس الحكم، ثم قال الأمير أولئك يخرجون قبل كل شيء من الحبس، فقال القاضي أما الآن فنعم، أخرجهم، ثم التفت إلى الأمير فقال ما تقول فيما تدعيه هذه المرأة؟ قال صدقت، قال فترد جميع ما أخذت منها، وتبني لها حيطها في وقت واحد سريعاً، كما هدم، قال: أفعل، قال ما بقي لك شيء؟ قالت بيت الفارس ومتاعه، قال موسى يرد متاعه، ويبنى بيته، بقي لك شيء تدعيه؟ قالت لا وجزاك الله خيراً عن المسلمين، قال قومي لشأنك، ثم أخذ شريك بيد موسى بن عيسى فأجلسه في صدر المجلس، ثم قال السلام عليك أيها الأمير تأمر بشيء ليمتثل؟، قال له موسى: بأي شيء وضحك وانصرف راضياً بفعل شريك.

يقال: إن المروءة عشرة خصال: الحلم، والحياء، والصدق، والسخاء، وترك الغيبة، وحسن الخلق، والعفو عند المقدرة، وبذل المعروف، وإنجاز الوعد، وكتم السر.

حكي عن الحسن بن سهل أنه لما ودع المأمون فبلغ نهاية التشييع، فقال المأمون ألك حاجة يا أبا محمد؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين تحفظ علي من قلبك لا أستطيع حفظه إلا بك.

كتب عبيد الله بن عبد الله بن ظاهر إلى موسى بن بغا معزياً له غير أخيه أبي نصر، ومهنئاً له بإحضار الخلافة إلى المعتمد على الله، لئن كانت الأيام أعزك الله، أساءت الرزية، لقد أحسنت العطية، أو قاربت المنية، لقد بلغت الأمنية، فأعطت بكف وثنت كفاً، فلا زلت مشمولاً بالنعم، مغموراً بالكرم. حتى يكون كل يوم من أيامك موفياً في الفضل على أمسه، مقصراً عن فضل غده، وأمسه.

كتب رجل إلى صديق له، قد كنت أستعيذك ظالماً، فتحكم لي، وقد استعذيتك مظلوماً، فضاق عني عدلك، وقد ذكرت، قول الشاعر: [الخفيف]

كنت من كربتي أفرُّ إليهم ... فهمُ كربتي فأينَ الفرارُ؟

وكتب آخر إلى من وعده بوعد ومطله كفا بالتأويل موجباً للمأمول، فكيف بالموعود الممطول.

وكتب آخر إلى صديف له لا تستقل لنا براً فإنا لا نستكثر على قبوله شكراً.

يقال أن الحمية أحد العلتين.

هذه رقية للنار الفارسي، والنملة، وهي مجربة متداولة: تعقد عند عاقولة في يوم الأحد وتحفر على أصلها بحديدة، وتقول وأنت تحفر هذه الكلمات: توميد، الدوريدك، برذم، شرندم، هلميسة، وخشك، يانسي، نوشفا، توشفا عن فلان بن فلانة، أو فلان بنت فلانة، وتقطع العاقولة، وتثقل عليها، وتركي وأكثر ما يفعل ثلاثة آحاد فإنه يبرأ بإذن الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015