زهره التفاسير (صفحة 4355)

ونحن نرتضي التعليل الأول؛ لأن الحرب بكلِ صوِرها ما دامت إسلامية عادلة، فهي رحمة بالناس، (. . . وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ. . .).

والسورة الكريمة قد اشتملت على العهود الموثقة، ونقض المشركين لها والبراءة ممن ينقضونها، وبيان أن الجهاد سياحة المؤمن، كما صرح الرسول - صلى الله عليه وسلم - (?) ولذا قال في الفراغ من الجهاد (فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُر. . .)، وإعلان البراءة من الشرك وأهله، وأوجب سبحانه مع هذه البراءة الوفاء للمشركين الذين لم ينقصوكم شيئا من عهودكم.

وإن القتال محرم في الأشهر الحرم، فإذا انسلخت كان القتال لغير أهل العهد، وتتبع المشركين في كل مكان، وكل ذلك مع ملاحظة النجدة، وإجارِة من يريد الجوار، وقال تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6).

ثم بين سبحانه أنه لَا يصح الاعتماد على عهود المشركين، لأنهم لَا يبرون بعهودهم، واستثنى سبحانه الذين تفرض فيهم الاستقامة على أحد الاحتمالين، ولذا قال تعالى: (. . . فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ. . .).

وإن استقامتهم المفروضة تكون والمسلمون أقوياء (. . . وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً. . .)، وإن ماضيهم ينبئ عن حاضرهم إذ كانوا يصدونكم عن المسجد الحرام.

وأنهم إذا تابوا فإخوانكم في الدين، وإن أستمروا على الكفر ونكثوا الأيمان فقاتلوا أئمة الكفر، إنهم لَا أيمان لهم، وأمر سبحانه وتعالى وقد استمروا على عداوتهم والنكث على عهودهم أن على المؤمنين أن يقاتلوهم، وقال تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015