أجد القوة، وأنا شاب، وأجدني أن أصوم يا رسول الله أهون عليَّ من أن أؤخره فيكون دينا أفأصوم يا رسول الله أعظم لأجري أو أفطر، قال: أي ذلك شئت يا حمزة"1..

فهذا الحديث يوضح أن السؤال كان عن صيام شهر رمضان وهو وإن كان ابن حزم وابن حبان، قد ضعفا رواية حمزة بن محمد بن حمزة2. إلا أن له شاهدا من حديث حمزة بن عمرو المخرج في الصحيحين وغيرهما..

وأما على رأي من يقول: إن سؤال حمزة كان عن صيام التطوع فإنه ليس في الحديث ما يشير إلى تخصيص السؤال بذلك

وعلى فرض أن السؤال كان في صيام التطوع؟ فإن العبرة برد الرسول عليه الصلاة والسلام الذي جاء بصيغة عامة تشمل جميع أنواع الصيام سواء كان صيام فرض أو تطوع.

وحتى لو كانت الإجابة تخصص بنوع السؤال وهذا على افتراض أن السؤال كان عن صيام التطوع، فإن هذا الحكم يشمل صيام شهر رمضان من باب أولى، لأنه إذا تكبد الإنسان صيام التطوع في السفر وليس عليه في تركه شيء فإن تكبده الصيام الواجب من باب أولى، لأنه إن تركه سيكون دينا عليه..

وقد نوقش هذا الحديث، بأن الرخصة المشار إليها فيه قد خرجت من باب التخيير للعبد، إلى وجوب الالتزام بها، إذ جاء في نهاية الحديث "ليس البر أن تصوموا في السفر" زيادة توجب قبولها، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم برخصة الله التي رخص لكم"3

يجاب عن ذلك، بأنه جاء في صحيح مسلم ما يفيد أن هذه الزيادة غير محفوظة، إذ قال شعبة: "وكان يبلغني عن يحي بن أبي كثير أنه كان يزيد في هذا الحديث ليس البر.. الخ وفي هذا الإسناد أنه قال: عليكم برخصة الله الذي رخص لكم. قال: فلما سألته لم يحفظه4.

وعلى فرض صحة هذه الزيادة، فإنه يجاب عنها بأن الأمر هنا خاص بمثل هذا الرجل الذي ترك الرخصة وفضل عليها إهلاك نفسه أو بمن ترك الرخصة رغبة عنها. ((والله أعلم)) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015