طريق السعادة في الدنيا والآخرة

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صلَّ وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام! أريد أن أُذكر إخواني وأخواتي من المسلمات ممن فتنوا بمثل هذه الحياة التي تعرفوا عليها من خلال هذه الحملة الإعلامية المكثفة، فظن كثيرٌ منهم أن هؤلاء هم الذين يعيشون حياة السعادة، أحببت أن أذكر نفسي وإخواني وأخواتي بأن أهل الكفر والمعصية وإن مشت بهم البغال، وطقطقت بهم البراذين، فإن ذل المعصية في قلوبهم يأبى الله إلا أن يذل من عصاه، كما يأبى الله إلا أن يسعد من أطاعه واتقاه.

السعادة يا إخوة والله ما كانت في القصور، فكم من قصورٍ فارهة يعيش أهلها في شقاء وظنك.

السعادة يا إخوة والله ما كانت في المناصب، فكم من ألوفٍ يجلسون على الكراسي لا يشعرون بلذة النوم ولا راحة الضمير.

السعادة يا إخوة والله ما كانت في المال، فكم من أصحاب أموالٍ يقلقون ويخافون في الليل والنهار.

لا يشعر بالسعادة إلا من رزقه الله الإيمان والتوحيد، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97] لا يشعر صاحب المال بلذة وسعادة إلا إذا ملأ الله قلبه إيماناً فعرف وظيفة المال والغاية من المال.

لا يشعر صاحب المنصب باللذة والسعادة إلا إذا استغل منصبه وكرسيه في طاعة الله، وفي تفريج كربات الناس وخلق الله، لا يشعر صاحب القصور بالسعادة إلا إذا عمرها بذكر الله وتقوى الله والإيمان بالله جل وعلا، فإن السعادة يا إخوة مصدرها الصدر: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح:1] فقد يعيش الإنسان في قصرٍ فاره، ويقف في حديقة القصر الرائعة، ومع ذلك يشعر باختناق، بل يفكر في الانتحار لماذا؟!! لأن السعة ليست في المكان وإنما هي في الصدور: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح:1] نعمة شرح الصدر، نعمة الرضا، نعمة الطمأنينة، نعمة الإيمان، نعمة الذكر، نعمة الأنس بالله جل وعلا، نعمة الشوق إلى لقاء الله، فكم من فقيرٍ قد لا يجد قوت يومه ومع ذلك فهو يشعر برضا، ويشعر بانشراحٍ في صدره، ويشعر بسعادة، وهؤلاء هم الذين تكتمل سعادتهم في الآخرة إن شاء الله تعالى، بجنةٍ عرضها السماوات والأرض، قال الله جل وعلا: {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود:105 - 108].

وفي صحيح مسلم من حديث أنس: (يقول الله لأهل الجنة: يا أهل الجنة هل رضيتم؟ فيقول أهل الجنة: وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول جل وعلا: أفلا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقول أهل الجنة: وأي شيءٍ أفضل من ذلك؟! فيقول الله جل وعلا: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً) وفي لفظ: (فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى وجه الله جل جلاله) قال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26] وقال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:22 - 23].

اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، اللهم ارزقنا حسن الخاتمة.

اللهم ارزقنا جميعاً حسن الخاتمة، اللهم ارزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وبعد الموت جنةً ونعيماً ورضواناً، اللهم إن أردت بالناس فتنةً فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين، ولا مفرطين ولا مضيعين، ولا مغيرين ولا مبدلين برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم رد الأمة إليك رداً جميلاً، اللهم رد الأمة إليك رداً جميلاً، اللهم رد الأمة إليك رداً جميلاً، اللهم استرنا ولا تفضحنا، وأكرمنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا.

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم عليك باليهود وأتباع اليهود وعملاء اليهود، برحمتك يا أرحم الراحمين، بقدرتك يا قوي يا متين! اللهم املأ قلوب اليهود ناراً، اللهم املأ بيوت اليهود ناراً، اللهم دمر بيوتهم قبل أن يدمروا الأقصى، اللهم كما روعوا إخواننا في فلسطين ولبنان فروعهم يا رب العالمين! اللهم كما روع اليهود إخواننا في فلسطين ولبنان فروعهم يا رب العالمين! اللهم ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، واستر عيبنا، وفك أسرنا، وتول أمرنا، وأحسن خلاصنا برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، نشكو إليك خيانة الخائنين، وضعف الموحدين.

اللهم اجبر كسرنا، وارحم ضعفنا يا أرحم الراحمين! اللهم إنا نسألك أن تجعل بلدنا مصر واحة للأمن والأمان، اللهم لا تحرم مصرنا من الأمن والأمان وجميع بلاد المسلمين، اللهم ارفع عن مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وجميع بلاد المسلمين، اللهم ارفع عن مصر الغلاء والبلاء والوباء وجميع بلاد المسلمين.

أحبتي الكرام! هذا وما كان من توفيقٍ فمن الله وحده، وما كان من خطأٍ أو سهوٍ أو زللٍ أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به في جهنم، ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015