مفهوم العبادة الخاطئ عند الناس

وقد أساء كثير من الناس اليوم في مفهوم العبادة، وقصروها -جهلاً منهم وضلالاً- على عدد من الأعمال التعبدية، وجهلوا بعد مراميها وكثرة متضمناتها، وسعة أبعادها، ولسان حال الكثير منهم يقول: الدين في المسجد ليس إلا -والعياذ بالله- ويبرز هذا جلياً في الناحية العملية التطبيقية، فهل عبد الله حق عبادته من أدخل في عبادته غيره، وجعله شريكاً له يدعوه ويستغيث به، ويعول في أموره عليه؟

وهل عبده حق عبادته من زاد في دين الله، وأحدث في شريعته ما لم يأذن به؟

وهل عبده من دنس معاملاته وأخلاقه بالمعاملات المحرمة، فبيعه وشراؤه وسائر معاملاته لا تسلم من الطرق المحرمة، فأكل الربا والتحايل على أكله، وغش المسلمين وظلمهم وخديعتهم ديدنه وطريقته.

أين العبادة في أفعال هؤلاء الذين آثروا الحياة الدنيا وخدعوا بحطامها وشهواتها وهي وبال عليهم وحسرة وندامة يوم القيامة، يوم يقفون أمام جبار السماوات والأرض، ويسألهم عن أموالهم من أين اكتسبوها وفيما أنفقوها؟ وهل عبد الله حق عبادته من ضيع وقته وأفنى عمره في معصية الله، باللهو واللغو القولي والعملي؟ أين نصيب العبادة في أوقات هؤلاء؟!

أنسوا أن الله سائلهم عن أعمارهم فيما أفنوها؟ وأوقاتهم فيما شغلوها؟ إن هؤلاء وأمثالهم قد تركوا عبادة الله، وأصبحوا عبيداً لأهوائهم وعبيداً لشياطينهم؟ وقد حذرنا الله من عبادة الشيطان والهوى فقال: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [يس:60 - 61] وقال: {أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية:23].

فاتقوا الله -أيها المسلمون- وقوموا بواجب الله عليكم في عبادته، فأنتم تعاهدونه في كل ركعة من ركعاتكم على ذلك حينما تقرءون قوله سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] ولكن قل من يتنبه لها ويفهمها ويعمل بمقتضاها، والله المستعان!

اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين وحزبك المفلحين، وارزقنا العمل لوجهك الكريم، واجعلنا ممن عبدك حق عبادتك يا كريم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015