التصرف في أموال الغناء بعد التوبة منه

صلى الله عليه وسلم

أولاً: نحييك باسمي ومن بالمسجد جميعاً، وندعو الله لك التوفيق والهداية، وأن يبدلك في الجنة خيراً مما تركته في الدنيا، فإن من ترك شيئاً لله أبدله الله خيراً منه في الآخرة، ولذلك في مسند الإمام أحمد: أن من ترك الغناء في الدنيا عوضه الله عز وجل بسماع غناء الحور العين في الجنة، ينشدن ويقلن: نحن الناعمات فلا نبأس، نحن الخالدات فلا نبيد، طوبى لمن كنا له وكان لنا، قال ابن القيم:

قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصان

هذا غناء أهل الجنة أن الله يرسل ريحاً رطبة هينة سهلة لينة على أغصان الجنة -نسأل الله تلك الأمكنة- فتهز الأغصان فتتلألأ، وتصطك الأغصان، فتحدث صوتاً عجيباً، آخذاً بالقلوب، فيعوضه الله عز وجل من ترك الغناء في الدنيا.

قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصان

فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الإنسان كالنغمات بالأوزان

ياخيبة الآذان لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدان

فأنت -إن شاء الله- ممن يستمع الغناء الطيب، يوم تبت إلى الله وأنبت وراجعت حسابك مع الواحد الأحد.

أما: هل المبالغ التي أخذتها حلال أم حرام؟ فهذه المبالغ أولاً: يطلب منك أن تصرفها في مصارف الخير، وأن تتوب إلى الله عز وجل منها؛ لأنك أخذتها من أموال غير مشروعة، وهي أموال أقل قصاراها وأحكامها الكراهة والشبهة، فأنت تتقي الله ما استطعت، لا نقول لك احسب كل ريال دخل عليك وخرج، لكن تصدق بقدر المستطاع، عل الله أن يغفر لك مازل أو ما أكلت أو ما لبست، أما أن نقول لك: احسب كل حفل وكل ما حضرت وأخرج، فهذا شاق، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وعفا الله عما سلف، فنسأل الله أن يعفو عنك، لكن أنصحك بكثرة الصدقة، وإن كان عندك رصيد فاجعله في ميزان حسناتك عند الله، إما في مسجد، وإما للمجاهدين, وإما للفقراء، وإما أن تجعله في عين أو مشروع خير لينفع المسلمين، أو تتصدق به، وأما أن يلزمك الكل فلا، عفا الله عما سلف، واتقوا الله ما استطعتم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

وأما إذا لم تستطع القضاء على الأشرطة فما هو الحل؟ الحل مادام أن عندك موهبة شعرية، فعليك أن تكثر من الاستغفار والذكر أكثر من كل الناس؛ لأن الله ذكر الشعراء في القرآن، فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [الشعراء:227] فذكر الله الذكر هنا لأنهم أكثر الناس كلاماً، ونشيداً وقصائد، فأمرهم بكثرة الذكر، فأكثر من الاستغفار لكثرة قصائدك وأشعارك، حتى يكافئ هذا هذا {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:114] وما دام أن الموهبة عندك، فأنا أدلك على نظم القصائد الإسلامية التي تمدح فيها الإسلام، وتذكر الناس بالعودة إلى الله، والتوبة إلى الواحد الأحد , وتذكرهم بالقبر والحوض والميزان، وتنظم في العقائد والأخلاق، وتمدح أهل الدين والاستقامة، وتذم أهل الفسق والفجور، حتى تكون داعية من دعاة الإسلام، بشرط ألا يطغى عليك الشعر حتى يأخذ أوقاتك، وبشرط ألا يصاحب شعرك عود أو وتر أو ناي، أو دف أو طبل، بل تكن شاعراً تنظم هكذا في المجالس بلا آلة موسيقى، وتكون موجهاً، ويكون لك -إن شاء الله- لسان صدق عند الله، من الذين يحشرون تحت علم حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأما: هل العرضات وقصائدها حرام؟ فهذا يسأل فيه أهل الفتيا من أهل العلم، ويحال إلى هيئة كبار العلماء؛ لأنها مسائل عصرية اجتهادية، (وولِّ حارها من تولى قارها) فأنت تسألهم، وعليك أن تنقذ نفسك، وهذه الأمور فأنت لا تُسأل عنها، لكن عليك أن تنقذ نفسك، ويحال هذا السؤال إلى كبار العلماء ليفتوا عنه.

وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015