أهمية المخيمات الصيفية

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلن تجد له ولياً مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أيها الأحبة في الله! أحييكم بتحية الإسلام: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله عز وجل أن يجزي القائمين على مركز الدعوة والإرشاد في هذه المنطقة خير الجزاء، حيث بحثوا وخرجوا يتحسسون الناس ويتتبعون مواقع البشر يدعونهم إلى الله عز وجل، فإن من واجب الدعاة ومن أولويات الدعوة أن من تصدى لهذا الأمر لا ينزوي أو يتقوقع في مكانٍ ويقول للناس: هلموا إلي وأتوا إلي، بل واجبه أن يخرج إليهم وأن يتبعهم وأن يلاحقهم، وإن سمع منهم ما يسوءه؛ فيتمثل قول الله عز وجل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] وإن رأى منهم شيئاً مما يورث الألم؛ فيتذكر قول الله عز وجل: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [آل عمران:159].

فالواجب أيها الأحبة: الواجب أن يكون بجوار كل منطقة تنتشر فيها المخيمات مخيمٌ يتسع لعدد هؤلاء الذين ينتشرون فيها، ومن ثم يخرج الناس إليها وينسلون إلى هذه المخيمات من كل حدبٍ وصوب، ليسمعوا داعي الله؛ ليسمعوا الكلمة، والآية، والموعظة، والحديث، والقصة، والقصيدة، والملحة الطريفة الظريفة حتى تتحرك النفوس في اتجاه الصلاح والاستقامة، والواجب أن تخاطب هذه العقول، وأن تنادى هذه الأفئدة بكل وسيلة تبلغ وتوصل رسالة الله إلى العباد.

إن الله عز وجل قد أرسل من هو خيرٌ منا إلى من هم شرٌ من شرار الخلق في هذا الزمان، أرسل موسى وهارون إلى فرعون الذي قال {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:38] الذي قال منكراً مستهتراً: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً} [غافر:36 - 37] بعث الله خيرة خلقه وهم أنبياؤه ورسله، موسى وهارون، إلى شر الخليقة في ذلك الزمن إلى فرعون، ولم يقل الله فلترسلا أو تبعثا إليه رسولاً ليأت فرعون إليكما، وإنما قال الله عز وجل: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ} [الشعراء:16] اذهبا واخرجا إليه، فمن واجبنا ومهماتنا ومسئولياتنا -أيها الأحبة- أن نتتبع تجمع الشباب والأماكن التي يرتادها الناس ونحن لا نريد منهم جزاءً ولا شكوراً، فلسنا فقراء نريد منهم مالاً، ولسنا أذلاء نريد منهم جاهاً، ولسنا مستضعفين نريد منهم عزة، وإنما نريد منهم أن يعبدوا الله وحده لا شريك له، نريد منهم أن يلتفتوا إلى الغاية التي من أجلها خلقوا وهي: عبادة الله وحده لا شريك له، والاشتغال بذكر الله، والعمل في مرضاة الله عز وجل.

والحديث أيها الأحبة ذكرني ونحن في إجازة الربيع بمخيمٍ حضرته العام الماضي بين مكة المكرمة ومدينة جدة، قام إخوانكم في مكتب الدعوة هناك وأنشئوا مخيماً كبيراً ما رأت عيني مثله، وجعلوا على مسافة بصري أو أقل بقليل مخيماً آخر للنساء، وكان ذلك المكان هناك ما بين مكة وجدة يجتمع فيه الشباب من مخيمات كثيرة وكبيرة جداً، ويجد الناس فيه متنزهاً وفسحة لهم، فإذا كانت مناسبة المحاضرة أو الموعظة أو الندوة رأيت الناس ينسلون من كل حدبٍ وفوج ويأتون من كل جانب ليحضروا.

فأقول: يا أحبابنا! إن هذه المناسبة تذكر بذلك المخيم الذي رأيت فيه اجتماعاً لخلقٍ كبير، وذكر أن النساء يجتمعن في مخيمٍ بجواره، وأقترح أن تكون المحاضرة في إجازة الربيع في مخيم وسط المخيمات، وإن كان المسجد هو مكان العبرة ومكان العظة والعبادة ومجتمع الملائكة، إلا أننا نقول: ما الذي يمنع من أن تقوم محاضرةٌ في مخيم بين المخيمات كما أن هذه المحاضرة تحت إشراف مكتبكم فإننا ندعوكم ونقترح عليكم أن تكون ثمة محاضرات وسط المخيمات ليحضر النساء في جهة والرجال في جهة ويسمعوا الكلام والنصائح والإرشادات والمواعظ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015