العلم النافع حسنة تجري بعد الموت

أيها الأحبة! هذا الحديث يبين لنا أن من مات انقطع عمله إلا واحد من ثلاثة: فأولهم: من مات وترك علماً نافعاً، والعلم -يا عباد الله- شأنه عظيم، وحقٌ لمن ورث هذا العلم برحمة الله أن يجري عمله، وذلك بأن تتأمل: كم الذين يترحمون عليه؟ وكم الذين يتعلمون في كتبه؟ وكم الذين يدعون له؟ ويدعى له في عداد من لهم أثر على الأمة: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر:9] {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11] وهذه الرفعة في الدنيا والآخرة، وحسبكم بكرامات أهل العلم أن الله عز وجل سخر لهم الملائكة (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن الحيتان في البحر لتستغفر لطالب العلم).

أيها الأحبة: إن طلب العلم شرفٌ ما بعده شرف، ووظيفةٌ لا تعادلها وظيفة، إذ أن من سلك هذا الطريق، هُدي إلى الصراط المستقيم بإذن رب العالمين، فالله عز وجل يعبد بعلم: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19] إن سلامة الشباب المسلم من الزلل إن عصمة الشباب المسلم من الاستدراج، لا تكون إلا بقدر حظهم من العلوم الشرعية، ومن رام في هذه الدنيا سيراً يسلم معه من التخبط في الزلل وفي فخاخ الاستدارج على غير علم أو بعاطفة عاصفة وحدها، فيا صعب ما طلب! ويا عز ما أراد! لأن العلم هو -بإذن الله- عصمة من الوقوع في المزلات والمذلات.

وهذا الحديث -أيها الأحبة- ونخص بذلك طلبة العلم والناشئة، هذا الحديث فيه حضٌ على الجد والمثابرة والصبر والمصابرة على الطلب والتعليم والتحصيل والتصنيف والتأليف أيضاً، فما يدريك ما الذي يبقى وينفع بعدك؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015