وقفة مع الدعوة إلى الله

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

من عمل صالحاً فلنفسه، ومن أساء فعليها، إن دين الله ماض، تقهقر من تقهقر، وانحرف من انحرف، وانقلب من انقلب، وضعف من ضعف، وتشاغل من تشاغل، إنها قافلة ماضية، وكما يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم إلى يوم القيامة) وهذه الطائفة كما قرر المحققون من أهل العلم، أنها ليست جماعةً معينة، ولا في بلدٍ معين، أو في زمن معين، ولكنهم أتباع الكتاب والسنة، وأتباع السلف الصالح في كل زمانٍ ومكان، فلماذا لا نشرف أنفسنا بالالتحاق والانتساب إلى هذه المسيرة المباركة التي بدأت تاريخها منذ نزل (اقرأ) على نبينا صلى الله عليه وسلم ولم ينته لها تاريخ؛ لأن الحق باقٍ حتى قيام الساعة، بل وبعد قيام الساعة، فإن ذلك دلالةٌ على نصرة الحق وقوة الحق وظهور الحق على من خالفه.

أيها الأحبة في الله أدعوكم ونفسي مرةً ومراراً، وسراً وجهاراً، وعوداً وتكراراً أن يحاسب كل واحدٍ منا نفسه، ماذا قدمنا لهذه الدعوة؟ أليس الناس من حولنا وما بيننا وبينهم شيء، فما الذي كلَّ بألسنتنا عن دعوتهم؟ ألسنا نصرف الريالات والعشرات والمئات والآلاف في شهوات أنفسنا، وملذات ذواتنا، فلماذا إذا ذُكرنا بشراء شريطٍ لنهديه، أو كتابٍ لنقدمه دعوةً وحسبةً إلى الله أصبح الثمن غالياً، وأصبح الأمر شديداً وعلى النفس عظيماً، ولما كان في لذة النفس كان أسهل ما يكون؟ إننا نريد أن نكون من أولئك الذين ينفع الله بهم مباركين أينما كانوا.

في البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال صلى الله عليه وسلم: (الناس كإبلٍ مائة لا تكاد تجد فيها راحلة) فنحن نرى اليوم المئات لا تكاد تجد فيهم من يحتسب، ومن يمضي، ومن يدعو، حتى هذا المتحدث أمامكم أول من تشاغل بنفسه وبخاصة أمره عن دعوة ربه، ووالله إنا نقف وإياكم هذا الموقف مقرين بالذنوب، معترفين بالخطأ، مراجعين لأنفسنا، اللهم أنت ربنا لا إله إلا أنت خلقتنا ونحن عبيدك، ونحن على عهدك ووعدك ما استطعنا، نعوذ بك من شر ما صنعنا، نعوذ بك من غفلتنا عن دعوتنا، نعوذ بك من انشغالنا بأمر أنفسنا واشتغالنا عن ديننا، نعوذ بك من شر ما صنعنا، ونبوء لك بنعمك علينا، ونبوء بذنوبنا فاغفر لنا، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015